هيام عيد – الديار
تبدي أوساط ديبلوماسية مطلعة عن مخاوف جدية على معادلة الإستقرار في لبنان، وقد بدأت تتكوّن لدى عواصم القرار الغربية، على أثر الحراك المكثف الذي شهدته بيروت خلال الأسبوعين المنصرمين، ويجري التداول به في التقارير الديبلوماسية الغربية التي تتناول المستوى الخطير الذي لامسته الأزمة المالية وتدهور سعر صرف الليرة التي فقدت قيمتها بالكامل مقابل سعر الدولار الأميركي، وتداعيات هذا التدهور على المستوى الإجتماعي والأمني ، في ظل ارتفاع مستوى الفقر تزامناً مع مستوى الجريمة الذي تتناوله يومياً تقارير الأجهزة الأمنية.
وبحسب هذه الأوساط، فإن استمرار عملية عضّ الأصابع واللعب على حافة الهاوية من قبل المعنيين بتوفير الحلول لهذه الأزمات، يعكس بشكل واضح الصورة التي ستتكرس قريباً وتحديداً خلال الأسابيع القليلة المقبلة، عندما، تصل عملية دعم السلع الأساسية إلى نهايتها بحكم الأمر الواقع وليس بقرار سياسي أو حكومي. ومن شأن هذا الواقع أن يؤدي إلى تغيير لا بدّ منه في الستاتيكو القائم منذ سنوات في لبنان ، الذي بقي في منأى عن النار السورية، إذ تعتبر الأوساط الديبلوماسية أن اندلاع المواجهات الجانبية بين القوى السياسية والإبتعاد عن معالجة المشكلة الأساسية وهي غياب السلطة التنفيذية، وبالتالي عدم تأليف الحكومة، سيرتدّ على الساحة المحلية بشكل سلبي إذ أن استمرار دوامة الإستنزاف لكل ما تحقق من استقرار سياسي وخصوصاً أمني بعد انتصار لبنان على إرهاب «داعش»، لن يتأخر عن الإطاحة بهذه النتائج. ومن ضمن هذا السياق، فإن المعاناة القاسية للبنانيين في كل المناطق، تُنذر بفتح الباب واسعاً أمام اختراقات أمنية ولو محدودة وعلى شاكلة حوادث السلب والخطف مقابل فدية مالية او اعتداءات على مؤسسات تجارية وربما مصرفية كما تكشف الأوساط نفسها، وبالتالي فإن العلاقة ما بين تأليف الحكومة وحماية الإستقرار الإجتماعي أولاً والعام ثانياً، قد أصبحت وثيقة وهي تفترض تقاطعاً في المواقف لدى القوى الأساسية على الساحة المحلية والتي تملك مفتاح الحلول، بعدما أصبح واضحاً أن العقبات هي داخلية وقد أعلنها من بيروت أكثر من موفد عربي وغربي في الأسبوعين الماضيين.
هل يعني ذلك أن ولادة الحكومة قد تكون وشيكة؟ على هذا السؤال تؤكد الأوساط نفسها، أن تقاطعاً غربياً وعربياً قد سجّل أخيراً ومفاده أن تأخير الإستحقاق الحكومي لن يؤدي وبأي شكل من الأشكال إلى تأجيل اية استحقاقات اخرى خصوصاً إنتخابية في المرحلة المقبلة، وبالتالي فإن الوقت قد حان للتشكيل وفق معيار أساسي هو إعادة النظر بكل ما سمعته القيادات السياسية من الموفدين الديبلوماسيين، والذي يعتبر أن الخارج لن يساعد لبنان ويقود عملية الدعم على كل المستويات من دون شريك لبناني هو الحكومة الجديدة وبصرف النظر عن طبيعتها ولو أن الظروف تقتضي وجود إختصاصيين كما يطالب الرئيس المكلف سعد الحريري أو سياسيين كما يرى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.