وطنية – كتبت صحيفة ” الجمهورية ” تقول : لم يسجّل أمس على جبهة الاستحقاق الحكومي اي تطور ملموس يشي بحصول اي لقاءات تدفع في اتجاه انجاز هذ الاستحقاق رغم بعض المعطيات التي ترشح من هنا وهناك وتبعث على توقع ولادة الحكومة في موعد اقصاه نهاية الشهر الجاري لاعتبارات تتعلق بالاخطار التي تتهدد البلاد مالياً واقتصادياً في حال رفع الدعم عن بعض المواد والقطاعات الاساسية قبل نهاية الشهر المقبل الموعد الذي يحدده البعض لنضوب الاحتياط في مصرف لبنان. وكما في القصر الجمهوري كذلك في “بيت الوسط” لم يسجل أمس اي نشاط يتصل بتأليف الحكومة الجديدة وسط غياب شبه تام للوسطاء المحليين بعد انتهاء الحركة الديبلوماسية التي قادها أخيراً الموفد الاميركي ديفيد هيل وقبله سفراء المملكة العربية السعودية وليد البخاري إضافة الى سفيرتي الولايات المتحدة وفرنسا دوروتي شيا وآن غريو. فيما سيسافر الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري الى الفاتيكان غداً للقاء قداسة البابا فرنسيس، في وقت لم يعلن عن البرنامج الموسع للقاءاته مع المسؤولين الايطاليين في روما بعد انتهاء محادثاته في الدولة الفاتيكانية.
فيما ترتفع وتيرة التوتر السياسي بسبب الفراغ الحكومي المفتوح وغياب الحلول وانقطاع التواصل وفتح الملفات وتوجيه الاتهامات، ترتفع وتيرة الضغوط الشعبية بفعل الانهيار المتمادي والخشية من الأسوأ في ظل غياب المخارج وأي أفق للمعالجات، كذلك ترتفع وتيرة الضغوط السياسية في كل الاتجاهات وتحديداً بين المسؤولين في السلطة والمعنيين بالتأليف، وتتصاعد وتيرة الضغوط الدولية على القيمين على السلطة في محاولة لفتح باب التأليف.
فالتوتر سيِّد الموقف: التوتر الديبلوماسي والسياسي والشعبي، ويرجّح ان يشتد ويتوسّع الشرخ ويتعمّق الانقسام في حال استمر الفراغ الحكومي، وأبرز مؤشر لهذا المنحى التصاعدي في التوتر ان الانقسام القضائي تسرّب إلى الشارع، فيما حتى الأمس القريب كانت معظم القوى السياسية تتجنّب تَوسُّل الشارع وإقحامه في الخلافات السياسية والضغوط المتبادلة، وهذا التطور سلبي جداً ويعني ان المؤسسات لم تعد المكان الصالح للمعالجات، ومن يتوسل الشارع هذه المرة هي القوى الموجودة في صلب هذه المؤسسات، وليس الناس التي كانت انتفضت ضد مَن هم في السلطة.
وقالت مصادر مواكبة للتطورات الجارية لـ”الجمهورية” انّ “البروفا الشعبية التي رافقت الانقسام القضائي لم تكن عفوية، بل منظمة ومعدة سلفاً، ما يعني انّ هناك من اتخذ قراراً بتطوير المواجهة ونقلها من السجال السياسي والإعلامي من الطبقات العليا، إلى التظاهر على أرض الواقع من الطبقات السفلى، ويعني أيضا ان ما ترافق مع الانقسام القضائي سينسحب، ربما، على الملفات الأخرى، لأنّ هناك من وجد ان استخدام الشارع يؤدي إلى تصليب قواعده وتعبئتها وينقل الاهتمام والتركيز الشعبي إلى مكان آخر، وفي حال صَحّ هذا التوجّه فإنه سيعني ان الوضع في لبنان مقبل على تطورات خطيرة، لأن لكل طرف شارعه، ووضع الشوارع في مواجهة بعضها البعض على وقع أزمة مالية واحتقان سياسي يمكن أن يجر البلد إلى ما لا تحمد عقباه”.
واضافت هذه المصادر: “إذا كان مجلس القضاء الأعلى قد نجح في تطويق الأزمة القضائية حفاظاً على صورة تضررت كثيراً جرّاء الانقسام الأخير، إلا انه لا يعرف ما إذا كانت الأمور قد انتهت عند هذا الحد قضائياً، فيما الملفات الأخرى تفتح غب الطلب، ومع تراجع الاشتباك القضائي يرجّح ان يتقدّم اشتباك من نوع آخر استناداً إلى تجربة الأسابيع الأخيرة، حيث تستخدم هذه الملفات للضغط السياسي والحكومي، ولا مؤشرات داخلية أو خارجية إلى إمكانية معالجة الفراغ الحكومي، وكل الحراك في هذا الاتجاه لم يؤد حتى اللحظة إلى اي نتيجة، بل ان التوقعات سلبية وتشاؤمية، وما لم يتم الخروج من نفق الفراغ، فإنّ الوضع سيكون مفتوحاً على شتى الاحتمالات، خصوصا مع اكتمال ثلاثية: الانهيار المالي والانقسام السياسي وتوسّل الشارع.
مشهد سوريالي
وفي مشهد هزلي وسوريالي لم يشهد لبنان مثيلاً له من قبل، غاب ملف تشكيل الحكومة العتيدة التي عدّت المدخل الاجباري الى خطة التعافي وإعادة ربط لبنان بالعالم الخارجي عبر استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والدول والمؤسسات المانحة، فيما حضرت كل الملفات الاخرى ولا سيما منها ملف ما سُمّي قضية القاضية غادة عون. الذي كان محط أنظار كل من تتبّع وقائع اجتماع مجلس القضاء الاعلى الذي اكد قراراته السابقة بعزلها عن الملفات المالية وتسليمها الى المحامي العام الاستئنافي في بعبدا سامر ليشع، وأمهلها 24 ساعة لتسليم الملفات اليه. وكل ذلك جرى في وقت اكدت عون انها ستواصل التحقيق في ملف شركة مكتف المالية، فقصدت مقرّها امس ولم توفّق في الدخول اليه فقررت ان تعود اليه اليوم. فيما يستعد مكتف والمسؤولون الكبار في الشركة للمثول امام المدعي العام المالي علي ابراهيم اليوم لتسليمه ما يحتاجه من معلومات ووثائق تتصل بالعمليات المالية التي تقوم بها الشركة من دون اي عائق، وهي خطوة منفصلة عن الملف المفتوح في النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان بإيعاز مباشر من النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات.
مجلس القضاء
وكان مجلس القضاء قد استمع أمس على مدى ساعة ونصف الى القاضية عون، التي غادرت على الاثر فيما استمر اجتماع المجلس حتى الخامسة عصراً. وتزامناً مع الجلسة، تجمع عدد من مناصري ”التيار الوطني الحر” أمام قصر العدل، رافعين شعارات مؤيدة للقاضية عون،
وقد طلب المجلس من القاضية عون الإلتزام بقرار النائب العام لدى محكمة التمييز”. وقال: “انطلاقاً من أن ما يحصل ليس بين من يريد مكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين، وبين من لا يريد أو من يمنع ذلك، وليس نزاعاً بين النائب العام التمييزي والنائب العام الاستئنافي، وهو بالتأكيد ليس نزاعاً سياسياً بين تيارين كما يصوره البعض، وهو ليس وليد اللحظة أو نتيجة ملف، بل إنّ ما حصل فعلياً هو أن مجلس القضاء الأعلى اتخذ قراراً انطلاقاً من الدور المناط به بموجب القوانين بالسهر على حسن سير القضاء وعلى كرامته واستقلاله، وقد توزّع على مسارات ثلاثة هي: الطلب من النائب العام لدى محكمة التمييز ومن رئيس هيئة التفتيش القضائي اتخاذ الإجراءات المناسبة كلّ ضمن نطاق اختصاصه بخصوص أداء القاضية عون، والاستماع إليها من قبل المجلس بسبب خرقها موجب التحفظ، وعدم التزامها بتنفيذ تعهداتها المتكررة أمام المجلس، وتمنّعها عن الحضور إلى النيابة العامة التمييزية، وبالنظر لمواقفها وتصرفاتها إثر صدور قرار النائب العام لدى محكمة التمييز المتضمن تعديل توزيع الأعمال لدى النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، وفي ضوء مضمون أقوال عون في جلسة الاستماع اليها قرر مجلس القضاء الأعلى الطلب من هيئة التفتيش القضائي إجراء المقتضى”. وأشار المجلس الى انه سيكون لرئيسه كلمة عبر الإعلام يتناول فيها الأوضاع القضائية عموماً في موعد يحدد لاحقاً.
”لبنان القوي”
وفي المواقف توقف تكتل “لبنان القوي” أمس في اجتماعه الدوري إلكترونياً برئاسة النائب جبران باسيل، عند “الملف المفتوح قضائياً لمعرفة ما تمّ تحويله من أموال بالعملات الأجنبية قبل 17 تشرين الأول 2019 وبعده”. واعتبر “أنّ خطورة الملف تكمن في تورط البعض في المضاربة على العملة الوطنية بما تسبب بانهيارها وانهيار الوضع المالي”، وأكد “أن الموضوع ليس أقل من نزاع بين من يريد مكافحة الفساد واسترداد أموال اللبنانيين وبين الذين يبذلون كل الجهود لمنع الإصلاح ومنع كشف الحقائق وأي إمكانية لاسترداد الأموال المحوّلة الى الخارج”. ورأى التكتل في اشارة غير مباشرة الى القاضية عون “أنّ منع القاضي الذي يلاحق قضايا الناس من مواصلة التحقيق في الملفات المفتوحة يلامس حدّ الجرم بحق اللبنانيين”.
وأكد التكتل أنّ “اللبنانيين ينتظرون أن يتقدم رئيس الحكومة المكلّف بصيغة حكومية منهجية تظهر في شكل واضح توزيع الحقائب على الطوائف وعلى مرجعيات التسمية على أن يكون ذلك ضمن معايير الكفاية والإختصاص وعدم الإنتماء الحزبي، وكل ما هو دون ذلك يدلّ الى عدم وجود قرار بتشكيل حكومة”.
تحصين الجيش
وغرّد رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط عبر “تويتر”، فقال: ”يبدو انّ النزاع الاقليمي يشتد على لبنان الأمر الذي يجعل الديكة المحليين يتقاتلون غير مبالين بسمعة المؤسسات وحرمتها. وفي هذا المجال من الواجب تحصين الجيش وتحييده ودعمه ماديا ومعنويا، والخطوة الاساس تكون في وقف الدعم للتجار وتخصيص البطاقة التموينية للمواطن قبل ان يغرق الهيكل”.
ترسيم الحدود
ومن جهة ثانية، اعلن رئيس لجنة الادارة والعدل النيابية النائب جورج عدوان إثر جلسة لها أمس “الوقوف كليا وبالإجماع خلف الوفد المفاوض ومطلبه المحق القانوني والتقني المبني على القانون وعلى معطيات علمية موثقة”. وحمّل “الحكومة المستقيلة المسؤولية الكاملة لكي تجتمع فورا وتتخذ قرارا بتعديل المرسوم 6433 تحت طائلة المساءلة الدستورية بالاخلال بالواجب الوطني”. وطلب ”منها بإلحاح ان تقوم بذلك قبل فوات الاوان وضمن المهل المطلوبة، وان تتخذ كل التدابير لإبلاغ الامم المتحدة بموقف لبنان والتعديلات عليه، وهي موثقة ومثبتة وفقاً للعلم وللقانون”.
كورونا
على الصعيد الصحي، أعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي أمس حول مستجدات فيروس كورونا تسجيل 1608 إصابات جديدة (1602 محلية و6 وافدة)، ليرتفع العدد الإجمالي للإصابات منذ انتشار الوباء في شباط 2020 الى 513006. ولفتت الوزارة إلى تسجيل 36 حالة وفاة جديدة ليصبح العدد الإجمالي للوفيات 6995.