جاء في صحيفة النهار : إذا كانت المواقف التي أعلنها رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، أمس، لم تشكّل أي مفاجأة لجهة مضيّه في نهجه التصعيدي ضد رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، بل زادت الاقتناع بأنّ أزمة تشكيل الحكومة لا تقترب أبداً من أي انفراج محتمل، فإنّ ذر رماد التصعيد الكلامي لم يحجب خطورة تداعيات القرار السعودي بمنع دخول المنتجات الزراعية اللبنانية الى أراضي المملكة بسبب التهريب في ظل احتمال تمدد القرار نحو دول خليجية أخرى.
وتبعاً لما كانت أشارت إليه “النهار”، أمس، حول ما اذا كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سيبادر إلى طلب عقد اجتماع أمني لاحتواء أزمة وقف السعودية لاستيراد المنتجات الزراعية اللبنانية، دعا عون فعلاً إلى اجتماع يعقد ظهر الإثنين، في قصر بعبدا، في حضور رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، ووزراء: الدفاع الوطني، والزراعة، والداخلية والبلديات، والخارجية والمغتربين، والمال، والاقتصاد والتجارة، إضافة إلى قادة الأجهزة الأمنية والجمارك، وعدد من المعنيين في القطاع الزراعي من مزارعين ومصدرين. وسيُخصَّص الاجتماع لعرض الملابسات التي رافقت القرار السعودي، والإجراءات الواجب اعتمادها لمعالجة تداعيات القرار.
ولعلّ المفارقة الغريبة التي استوقفت المراقبين في هذا السياق، أنّ معلومات تحدثت، مساء أمس، عن ضبط قوة من الجيش معملاً لإنتاج حبوب الكابتاغون في حي الشراونة في بعلبك لدى قيام القوة بملاحقة مطلوبين هناك! وتزامنت الدعوة إلى اجتماع بعبدا مع معلومات أفادت أنّ السفير السعودي في لبنان وليد البخاري غادر بيروت إلى بلاده قبل يومين من دون اتضاح سبب المغادرة وما إذا كانت متصلة بالقرار السعودي الأخير أو أنه استُدعي للتشاور. واتخذ هذا التطور بعداً مقلقاً لجهة احتمال اتساعه الى دول خليجية أخرى. إذ أعلنت وزارة الخارجية الكويتية مساءً، أنّ الكويت تؤيد قرار المملكة العربية السعودية حظر دخول الخضار والفواكه من لبنان بسبب استغلالها لتهريب المخدرات، ودعت السلطات اللبنانية الى ضمان خلو المنتجات اللبنانية مما يعرضها للمنع. وبدورها،أعلنت البحرين تأييدها للقرار السعودي باعتباره “يحمي مجتمعها من المخدرات ويكافح الجريمة المنظمة العابرة للحدود”.
تصعيد باسيل
ولكن باسيل تجاهل في مؤتمره الصحافي، أمس، التحدث عن القرار السعودي وخصصه لتثبيت مرجعيته السياسية لحالة القاضية غادة عون ولإطلاق حملة متجددة على الحريري “الذي لا يريد تأليف الحكومة والخائف من التدقيق الجنائي ومن فتح ملفات الفساد التي من أجلها تتم محاربة القاضية عون”، كما مضى في هجماته ضد “القوات اللبنانية”. واعتبر باسيل أنّ “لا خلاص إذا لم ينتصر قاضي الإصلاح على قاضي الفساد”، مضيفاً: “عم يحاولوا منع القاضية من استكمال تحقيقاتها! شو مخبّا بهالملف؟ من شو الخوف؟ خلّوها تكمل شغلها وثبّتوا انّو ما معها حقّ! مش كل مرّة تضبضبوا الملفات “. وقال: “إذا الرئيس المكلّف سعد الحريري لا يريد أن يعتذر ورئيس الجمهورية لن يستقيل طبعاً وإذا مجلس النواب لا يريد سحب التكليف فيبقى هناك حالة واحدة للتفكير فيها وهي استقالة مجلس النواب فيصير تكليفه بلا وجود وهذا يعني انتخابات مبكرة لكن هل الإنتخابات المبكرة تغيّر بالمعادلة”؟ وأردف قائلاً: “عم يخبّوا النصف زائد واحد تبعهم، باتّهامنا بالثلث زائد واحد. ولا مرّة نحنا طرحنا بهالحكومة موضوع التلت زائد واحد؛ كنّا بس عم نسأل مين بيسمّي الوزراء المسيحيين، وهنّي بدّن يسمّوا المسيحيين العدد يلّي بيوصلّهم للنصف زائد واحد. وهنّي مصرّين يخبّروا الدول انّو نحنا والرئيس بدنا التلت. هودي جماعة كذّابين! بيقولوا ما بيقبلوا الاّ حكومة اختصاصيين ومن دون سياسيين! كمان كذّابين! ما حدا عم يشارع على هيدا الموضوع! والكلّ قبلانين فيه! كذّابين لأن رئيس حكومة بلا اختصاص بدّو يترأس حكومة اختصاصيين، ورئيس تيار سياسي بدّو يترأس حكومة ما فيها ولا سياسي!
وتابع باسيل: “تخيّلوا انو بيحكي بإدارة المناقصات، يلّي مش رايح بحياته على ادارة المناقصات ونحنا بوزارة واحدة عملنا (534) مناقصة بإدارة المناقصات،ونحنا يلّي عيشناها وعيّنا يلّي على رأسها اليوم. تخيّلوا انّو بيتّهمنا بالنازيّة يلّي شطب الصليب وقتل فيه الناس، وطمرلنا جرودنا بالنفايات السامة! تخيّلوا شو هالعذاب وشو هالظلم يحكي عنا اننا نازيين يلّي منطقو وفكرو وتصرّفه الميليشياوي بيدلّوا على النازيّة . عنده احسن CV يقدّموا للنازيّة”.
رد “المستقبل”
ورد “تيار المستقبل” بعنف على باسيل قائلاً: “نجح جبران باسيل في الحصول على شهادة عالية بدرجة امتياز في تخريب عهد عمه ميشال عون ونزع صفة العهد القوي عنه وتقليده الوشاح الأكبر الاهتراء الوطني. كلما أطل هذا الرجل ليتحدث الى اللبنانيين، يضع مسماراً جديداً في نعش العهد وسيده، ويقدم الدليل تلو الدليل على وجود حالة مستعصية في الحياة السياسية، تتحمل مسؤولية تعطيل البلاد وعمل المؤسسات الدستورية، مستقوية بموقع رئاسة الجمهورية وجهات محلية وخارجية تمنحه القدرة على الاستقواء الى ان تحين ساعة المتغيرات التي لن تأتي… اطلالته الأخيرة تشبه الى حدٍ بعيد اطلالة القاضية غادة عون خلال غزواتها الأخيرة في عوكر، وإن كان يحاول ان يقدم مشهداً كاريكاتورياً عن اطلالات الجنرال في نهاية الثمانينات. في مكان ما تحدث جبران كما تحدث سيد بعبدا، عن الكذب في الطرف الآخر ، واطلق العنان لانهيارات عصبية تلقي تبعات الانهيار على الدولة بمعظم اجهزتها والقضاء بمعظم اركانه والاعلام بمعظم شاشاته… الكذب من شيم الكذابين والمتلونين والمطاردين بعقوبات من الداخل والخارج يا جبران. اما رهانك على سحب الرئيس المكلف من معادلة تأليف الحكومة، وقولك ان الامر يتطلب استقالة المجلس النيابي والذهاب الى انتخابات مبكرة ، فهو رهان ابليس على دخول الجنة يا جبران، وربما كانت الطريق الأقصر الى ذلك استقالة رئيس الجمهورية بحيث تستوى القواعد الدستورية حيث يجب ان تستقيم “.
“القوات”
كذلك صدرت سلسلة ردود حادة من عدد من نواب “القوات اللبنانية” على باسيل منها رد للنائب فادي سعد جاء فيه: ” بارع ومتفوق في إلحاق الأذى بمجتمعه، وهو ما زال يدعي زورا الحفاظ على حقوق المسيحيين .استحي بقا”.
ورد النائب عماد واكيم قائلاً: “قل لي من تحالف أقل لك من أنت”.
وعلّق النائب وهبي قاطيشه على كلام باسيل، عبر “تويتر”، قائلاً: “يوم ولد الكذب في التاريخ شوهد أحد مندوبي باسيل عمّ يضيف مغلي. فاقتضى التوضيح “.
كما علّق النائب السابق أنطوان زهرا على باسيل قائلاً: “مهما بلغت بلاغتها في المحاضرة في العفة تبقى القحباء قحباء” .
وكان رئيس القوات سمير جعجع انتقد اداء العهد من بوابة الخطوة السعودية الجديدة قائلاً: “إنجاز جديد اليوم للعهد القوي وحلفائه، إذ تمكنوا من حرمان المزارعين اللبنانيين من سوق أساسي وحيوي لمنتجاتهم، وذلك بسبب تغطية أفرقاء من المجموعة الحاكمة لتجارة الممنوعات، كما بسبب تقاعس الإدارات والأجهزة اللبنانية المعنية بهذا الأمر للأسباب المعروفة. أصبح أكيدا وواضحا ان كل يوم تستمر فيه هذه المجموعة الحاكمة وهذا العهد القوي سيحمل معه مصيبة جديدة تقع على رؤوس اللبنانيين. لقد أصبح واضحا وجليا فشل المجموعة الحاكمة الحالية وإفسادها وسعيها الى مصالحها الخاصة البحتة على حساب مصالح اللبنانيين أجمعين”. وختم: “لا خلاص لنا من مصيبة جديدة كل يوم إلا بالتخلص من هذه المجموعة الحاكمة، ولا سبيل إلى ذلك سوى بانتخابات نيابية مبكرة يتحمّل اللبنانيون فيها مسؤولياتهم من أجل إنتاج سلطة جديدة تعيد الاعتبار لمشروع الدولة”.