قال علماء من أكثر من 30 دولة إنهم اكتشفوا نسبة “عالية بشكل غير عادي” من المرضى الشباب الذين نُقلوا إلى المستشفى بسكتة دماغية بعد إصابتهم بـ “كوفيد-19”.
وتبين أن واحدا من كل أربعة مرضى أصيب بسكتة دماغية ناتجة عن “كوفيد”، تقل أعمارهم عن 55 عاما، وفقا لدراسة دولية شاملة نُشرت في مجلة Stroke التي راجعها الأقران.
ويعتبر هذا الرقم مرتفعا جدا، نظرا لأن ما بين 10٪ و15٪ فقط من مرضى السكتة الدماغية، تتراوح أعمارهم بين 18 و50 عاما.
والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن الباحثين يقولون إن “كوفيد-19” يمكن أن يتسبب بحدوث سكتة دماغية لدى الأشخاص الأقل عرضة للإصابة بها عادة.
وقال البروفيسور بجامعة Hebrew، رونين ليكر، أحد الباحثين المشاركين في الدراسة البالغ عددهم 90 مشاركا: “لم يظهر العديد من المرضى، وخاصة الصغار منهم، أي عامل خطر تقليدي للإصابة بالسكتات الدماغية، مثل ارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول والسكري ومشاكل القلب وما إلى ذلك”.
وقال ليكر لوسائل إعلام إسرائيلية إن البيانات تظهر “صلة بين الفيروس التاجي والسكتات الدماغية لدى المرضى الأصغر سنا نتيجة انسداد الأوعية الدموية الكبيرة”. ويقول الباحثون إنه حتى المرضى الذين أصيبوا بـ”كوفيد-19″ بشكل خفيف أو من دون أعراض، لا يتم حمايتهم من العواقب الوخيمة المحتملة.
وفي الواقع، أظهرت الدراسة، التي نُشرت في 21 أبريل، أن ما يقرب من 38٪ ممن أصيبوا بجلطة دماغية بعد فترة وجيزة من التعافي من “كوفيد-19” لم يعرفوا حتى أنهم مصابون بالمرض. ولم تظهر عليهم أعراض معروفة لفيروس كورونا الجديد، مثل السعال أو الحمى أو ضيق التنفس. ولم تظهر حقيقة أنهم مصابون بـ “كوفيد-19” إلا بعد أن اختُبروا في المستشفيات، حيث أصيبوا بسكتة دماغية.
وفي المجموع، حلل معدو الدراسة بيانات 432 مريضا مقدمة من 136 مركزا طبيا مختلفا في 32 دولة.
وعانى المرضى في الدراسة من سكتة دماغية حادة ونزيف داخل الجمجمة وتجلط في الوريد الدماغي أو الجيوب الأنفية. كما أفاد 71 مركزا طبيا على الأقل بأن لديهم مريضا واحدا على الأقل أصيب بسكتة دماغية أثناء دخول المستشفى بسبب “كوفيد-19” أو بعده بفترة وجيزة.
ويمكن تفسير هذه الظاهرة من خلال حقيقة أن “كوفيد-19” يستهدف أعضاء مختلفة في الجسم، ويعطل وظائفها الطبيعية ويسبب جلطات دموية ومضاعفات أخرى، على حد قول ليكر.
وأوضح أن “الدماغ هو أحد الأعضاء التي يستهدفها فيروس كورونا، وكذلك الأوعية الدموية في الدماغ”، مضيفا أن المرض قد يؤدي أيضا إلى عدم انتظام ضربات القلب وانتقال الجلطات الدموية إلى الدماغ.
وأثارت الدراسة مخاوف المجتمع الطبي في إسرائيل. ووصف سيريل كوهين، عالم المناعة والأستاذ بجامعة بار إيلان، نتائج الدراسة بأنها “مقلقة للغاية”.
وقال كوهين لـTimes of Israel: “توضح هذه البيانات أن الشباب، الذين لا يُنظر إليهم دائما على أنهم معرضون لخطر الإصابة بفيروس كورونا، معرضون للإصابة بالسكتات الدماغية والتأثيرات الأخرى للفيروس، على المدى القريب والطويل”.
ودعا ليكر المستشفيات إلى التحقق من وجود صلة محتملة بين السكتة الدماغية و”كوفيد-19″ في جميع الحالات المشبوهة.
وقال: “للمضي قدما، نوصي بإجراء اختبار “كوفيد” على جميع المرضى الأصغر سنا الذين يعانون من السكتات الدماغية، وخاصة أولئك الذين لا يعانون من حالات مرضية موجودة مسبقا”.
وتأتي الدراسة بعد أسبوع من بحث آخر أظهر أن السكتات الدماغية أقل شيوعا بين الأشخاص المصابين بأمراض خطيرة مع “كوفيد-19”.
وأظهرت دراسة أولية قُدّمت في منتصف أبريل، أن 2٪ فقط من الأشخاص الذين أدخلوا إلى وحدات العناية المركزة تعرضوا لسكتة دماغية أثناء إقامتهم. وقام الباحثون بتحليل بيانات ما يقرب من 2700 مريض من 52 دولة عولجوا في وحدات العناية المركزة بين 1 يناير و21 ديسمبر 2020.
وقال معد الدراسة جوناثون فانينغ، الذي يعمل في جامعة كوينزلاند في بريسبان بأستراليا: “كانت السكتة الدماغية من المضاعفات الخطيرة المعروفة لـ “كوفيد-19″، حيث أفادت بعض الدراسات بحالات أعلى من المتوقع، خاصة عند الشباب. ومع ذلك، من بين المرضى الأكثر مرضا، والذين أدخلوا إلى وحدة العناية المركزة، وجد بحثنا أن السكتة الدماغية لم تكن من المضاعفات الشائعة، وأن السكتة الدماغية الناتجة عن جلطة دموية لا تزيد من خطر الوفاة”.