وليد خوري – ليبانون ديبايت
فجأة جنّ جنون المصارف، وارتفع ضغط القيّمين عليها، وكأنها شاهدت كابوساً، إذ أيقنت أنه بنتيجة النقاشات الدائرة في لجنة المال والموازنة ولجنتها الفرعية، سيتحوّل “الكابيتال كونترول” إلى واقع، وأن الإستنسابية في التعاطي مع المودعين، ستنتهي بموجب قانون، سيحدّد لكل من لديه حساباً مصرفياً، ما له وما عليه.
وهذا الهدف الذي ينتظره اللبنانيون منذ أشهر، دفع بالمصارف الى “التكشير عن أنيابها” عبر وسائل التواصل الإجتماعي كما في الإعلام، خصوصاً من مدّعي الخبرة المالية والإقتصادية، في سعي لإلباس مسودّة “الكابيتال كونترول” التي يتمّ نقاشها راهناً في المجلس النيابي، ما ليس لها.
وراحت الأفكار “الغوبلزية” تجتهد لتضييع “الشِنكاش” وتقليب الرأي العام ضد القانون الذي هو لمصلحة اللبنانيين، وكان من المفترض أن يُقرّ منذ تشرين الأول 2019 لولا تقاعس الحكومة وتهرّبها من مسؤولياتها.
لماذا جنّت المصارف؟ باختصار لأنها لا تريد التزام القانون، بل تسعى للإبقاء على حال الفوضى والإستنسابية، بعدما “سرحت ومرحت” منذ نهاية العام 2019، مما حوّل المودّع إلى “شحّاد” على أبوابها، وهو الذي لا يريد إلاّ حقّه وجنى العمر.
جنّت المصارف” لأنها تريد المناورة والتلاعب على القانون وعدم التقيّد “بالتعاميم” ولتحقيق هذه الغاية، أخرجت كل “فطاحلتها” من نواب وإعلاميين وأصحاب مصالح لرمي القانون بالحجارة.
ومعلوم أن “الكابيتال كونترول”، يهدف إلى تحديد سقف السحوبات للمودعين بمبلغ 20 مليون ليرة لبنانية شهرياً، مع الإبقاء على السحوبات النقدية للرواتب خارج السقف المحدّد. ويمكّن أصحاب الودائع بالعملة الأجنبية من سحب قسم من أموالهم هذه بالعملة الأجنبية في شكل شهري. والأهم أنه، وإذا رفض أي مصرف تطبيق القانون، يُعاقب بإحالته على الهيئة المصرفية العليا، حيث قد تصل العقوبة إلى درجة شطب المصرف المخالِف من لائحة المصارف. ما يعني أنه لم يعد فوق رأس المصارف خيمة، بل محاسبة وعقاب.
فلماذا السعي إذاً بالقنابل الدخانية الإعلامية والتصريحات السياسية والنيابية من أجل زرع الخوف لدى المواطنين ممّا هو خير لهم؟
الإجابة تبدو واضحة: لأن القانون ليس لمصلحة المصارف، ولأنها تريد الإبقاء على تعنّتها، وحرمان المودعين من حقوقهم المسلوبة، متحجّجة بأنها غير قادرة على تمويل الإستثناءات كالسحوبات النقدية والتي لا تتعدى الـ 20 مليون للمودع شهرياً، وأنها غير قادرة على الدفع بالدولار، بينما المطلوب منها إنشاء منصة جديدة، والسماح للمودعين بسحب أموالهم بالدولار بنسبة معيّنة. والأهم، أنها تريد التهرّب من العقوبات والشطب، فتسعى لنسف القانون وتجويفه من مضمونه الذي يخدم المودعين، بهدف الهروب من مشنقة العقوبات.
هنا “لبّ” الموضوع إذاً، فاحذر أيها اللبناني من “ذئاب” المصارف والإعلاميين والسياسيين المتنكّرين بثوب الحملان. هؤلاء يقلّبون الرأي العام ويضيّعونه بهدف واحد…تطيير ال “كابيتال كونترول” والمحاسبة والإبقاء على الفوضى والتحكّم برقاب البلاد والعباد!