جاء في صحيفة الأنباء الإلكترونية : ماذا بعد؟ أتى كل الوسطاء وذهبوا ولم يقتنع المعرقلون. فماذا بعد؟ بُحّ صوت اللبنانيين وهم يطلبون إخراجهم من أتون القهر، ولم يسمع ذوو الحل والربط. فماذا بعد؟ بذل أصحاب الحرص والقناعات الوطنية كل جهد ممكن وقدموا كل الأفكار المعقولة وتركوا خلفهم حقوقاً أساسية بهدف تسهيل الحكومة، لكن المسؤولين الكبار ما فتئوا يتلطون خلف حقوق ومعايير من هنا وهناك يمتشقونها سيفاً للتعطيل. ولم تولد الحكومة بعد. لقد عيل صبر الناس وبلغ بهم اليأس مآلات الانفجار. فهل هناك من يعي من النافذين القابضين على القرار.
وفي ظل كل هذا العمى اللبناني عن تلمس مخارج الانقاذ الذي تُرجم استمرارًا للسجالات على ضفتي المسؤولية، تتسارع التطورات الإقليمية والتي اذا كان لا بد من استشراف شيء منها، فهو التسوية. هي التسوية التي يجدد رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط موقفه الداعي اليها، حيث أكد أنه “في هذه العاصفة التي نمر فيها وحيث ربط البعض التسوية بحساباته الشخصية والاقليمية وحيث خطر الهجرة يهدد كبرى مؤسسات الوطن من عامة وخاصة، فإنه من الأفضل التروي في إطلاق أي موقف قد يزيد من الامور تعقيداً”.
وفي السياق المحلي رأت مصادر سياسية في حديث لـ “الأنباء” الإلكترونية أن “لا تبدلاً في موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري الداعم للمبادرة الفرنسية، وكذلك في مواقف رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط”، مؤكدة أنه “من غير المفهوم مساواتهما مع القوى المعطلة لتشكيل الحكومة”، واعتبرت أنه “اذا كانت فرنسا راغبة بأن يكون لها دور أساسي في لبنان، فينبغي عليها الإعتماد على من يصدقها القول ويقرنه بالفعل”.
الى ذلك فإن القوات اللبنانية رأت في المواقف الأخيرة لوزير الخارجية الفرنسي ما يتلاقى مع مواقفه، إذ اعتبر عضو تكتل الجمهورية القوية النائب جوزيف اسحق في حديثه لـ “الأنباء” الإلكترونية انه “بعد تسعة أشهر رأينا أن الفرنسيين تأكدو مما قلناه لهم بأن لا أمل من هذه السلطة الحاكمة، وها هم يتحدثون عن انتخابات نيابية لتغيير الأكثرية القائمة”، ورأى ان “الوضع يسير من سيء الى أسوأ”.
من جهته نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علوش اعتبر أن السبب الأساسي لزيارة لودريان “كان لإبلاغ المسؤولين اللبنانيين بانتهاء المبادرة الفرنسية”، مستبعدا أي حل بسبب فشل هذه المبادرة. وكشف لـ”الأنباء” الإلكترونية عن “ضغوط كثيرة تعرض لها الرئيس المكلف سعد الحريري من قبل الفرنسيين وآخرها إقتراح لقائه النائب باسيل، وقد اشترط الحريري قبل حصول اللقاء أن يعلن باسيل صراحة تأييده للحكومة وإستعداده لإعطائها الثقة”.
واتهم علوش الجانب الفرنسي “بعدم المساعدة على حل الأزمة والإكتفاء بإطلاق المواقف التي لم توصل الى نتيجة”. وانتقد لقاء قصر الصنوبر “لأن القوى التي التقاها لودريان ليس لها بغالبيتها أي وزن سياسي”، معتبراً أن “مشكلة الحريري أنه كان واثقا جدا بالفرنسيين”.
عضو كتلة الوسط المستقل النائب علي درويش قال من جهته إن زيارة لودريان “لم تجترح الحلول المطلوبة للخروج من التعثر الحكومي”، ورأى في حديث لـ”الأنباء” الإلكترونية أن إتهام الوزير الفرنسي الطبقة السياسية بالتعطيل فيه “شيء من الصحة”، لكنه اعتبر أنه “قبل الزيارة كنا نعول كثيرا على المبادرة الفرنسية، لكن الأمور إختلفت بعدها”، متوقعا “تحركا ما من قبل الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري الأسبوع المقبل قد يساعد على تدوير الزوايا تجنبا للعقوبات المتوقعة”.
وحول ما يحكى عن تسمية الرئيس نجيب ميقاتي في حال إعتذار الحريري، لفت درويش الى أن كتلة الوسط سبق لها أن سمت الحريري ولا تزال تدعمه، وغير ذلك فإن أي أمر يعلن عنه في حينه.
ومع استمرار تضييع الوقت السياسي، يستمر تضييع الوقت في الملف الأخطر لمعيشة اللبنانيين وهو ملف ترشيد الدعم.
النائب إسحق قال لجريدة “الأنباء” الإلكترونية “لم يعد هناك مفر من الأمر لمنع المسؤولين من التمادي في سرقة الإحتياطي الإلزامي”، معتبرا انه “أمام استمرار الدعم ليستفيد منه التجار والمهربين وحرمان الطبقات الفقيرة منه فالخيار الأفضل هو وقف ذلك”.
النائب درويش قال من ناحيته إن “البطاقة التمويلية دونها عقبات تبدأ بالصيغة التي سيعتمدها رئيس حكومة تصريف الأعمال ليتم تحويلها الى مجلس النواب”، وسأل: “هل لدى مصرف لبنان القدرة على دعم البطاقة التي تزيد كلفتها عن مليار دولار؟” مشيرا الى “وجود علامات استفهام كثيرة حول الآلية المتبعة”.