الأحد, نوفمبر 24
Banner

النهار : عاصفة لبنانية خليجية… وهبه ينكفىء اليوم؟ العهد ‏يهرب إلى التحريض على الحريري

كتبت صحيفة ” النهار ” تقول : ‎مع ان مسيرة العهد الحالي اقترنت بمنظومة نمطية من الأخطاء الفادحة في السياسات الخارجية أسوة بالإخفاقات ‏الهائلة الداخلية التي تشكل الحجم الأكبر من أسباب الانهيارات الحاصلة، الا ان انكشاف العهد لم يكن مرة فادحاً ‏وصارخاً كما حصل امس في ما سمي عاصفة شربل وهبة التي دفعت لبنان الى السقطة الأخطر هذه المرة في ‏ميزان تهديد مصالحه لدى المملكة العربية #السعودية وعبرها سائر الدول الخليجية. في الخلاصات المباشرة ‏لعاصفة خطيرة بهذا الشكل، كان يفترض ان يكون الاجراء الفوري الذي يوازي الأذى الكبير الذي لحق بلبنان ‏اقالة الوزير فورا، ولو كان يشغل منصباً وزارياً في طور تصريف الاعمال، ولكن الاجراء لم يتخذ بعد ولو ان ‏معلومات اشارت الى توقع اتخاذ خطوة ما اليوم. وافيد ليلاً ان الزيارة المتوقعة للوزير وهبه الى السفارة السعودية ‏باتت في حكم الملغاة بعد الاتفاق على ان يبلغ الرئيسين #ميشال عون وحسان دياب صباحا تنحيه عن المسؤولية، ‏وجرى البحث ليلا عن وزير مسيحي يتولى المهمة اذ ان الوزير البديل في مرسوم الحكومة هو دميانوس قطار ‏المعتكف منذ اعلانه الاستقالة. ولم يكن الحجم الاستثنائي للتنديد الداخلي بالإساءات غير المقبولة اطلاقا التي ‏وجهها الى السعودية وشعبها وعبرها الدول الخليجية وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال سوى ‏الانعكاس الأكثر إبرازاً للدلالات المهمة جدا على خشية اللبنانيين بمعظم طوائفهم وفئاتهم وقياداتهم على ان تأتي ‏السقطة الأخيرة بمثابة رصاصة الرحمة في رأس العلاقات اللبنانية السعودية التي تعرضت لهزات عنيفة ومتعاقبة ‏خلال سنوات العهد الحالي بما لم يعرفه سابقاً، ولا في أي حقبة تاريخ هذه العلاقات العريقة والتاريخية. حتى ان ‏بعض المعنيين دعا العهد تحديداً الى التعمق في قراءة دلالات أوسع موجة من ردود الفعل الداخلية المجمعة على ‏التنديد بإساءات الوزير “المتقدم” في الصف العوني الى السعودية بالشكل المخزي الذي حصل والذي اساء اكثر ‏الى صورة الديبلوماسية اللبنانية، واطلق وابل التعليقات اللاذعة على الوزير وعهده عبر وسائل التواصل ‏الاجتماعي بما لم يسبق له ان حصل حيال أي حدث. واعتبر هؤلاء ان المروحة الواسعة للردود الغاضبة ‏والمستنكرة لتصريحات الوزير والتي شملت معظم القيادات اللبنانية حتى من ضمن صفوف قوى لا تعد صديقة ‏تقليدية للسعودية شكلت الرد اللبناني الحاسم قبل الرد السعودي على الإساءة ورسمت صورة بالغة السلبية للأثر ‏السلبي الذي باتت تتسبب به منظومة العهد اللصيقة به حتى من وزرائه‎.‎

ولعل الأسوأ في هذا السياق ان انكشاف العهد نفسه جاء بعد سقطة وزير خارجيته مزدوجة: فمن جهة أراد العهد ‏التذاكي والمناورة في الموقف حيال تداعيات السقطة فحاول رئيس الجمهورية ميشال عون ان يوزع موقفه الى ‏نصفين الأول يتبنى فيه دفاع وهبة عن نفسه، والثاني يتنصل فيه هو نفسه من موقف وزيره، واخفق طبعا في ‏إنجاح المحاولة. اما مفاجأته الفاشلة الأخرى فتمثلت اقله في سوء اختيار التوقيت لارسال رسالته الجديدة الى ‏‏#مجلس النواب بواسطة رئيس المجلس نبيه بري ليحرض المجلس على الرئيس المكلف #سعد الحريري ويوحي ‏له بنزع التكليف عنه. وبدا واضحا بما لا يحتاج الى تفسير ان عون حاول الهرب من تداعيات الانكشاف في ‏الفضيحة الخليجية الطارئة فلجأ الى توقيت اعتقده ملائما لأخذ الأنظار الى مكان اخر ولكنه أيضا اخفق في ذلك‎.‎

‎ ‎ووسط أوسع موجة ردود فعل منددة بمواقف وزير الخارجية ومطالبات بإعفائه نهائيا من مهماته وايلاء ‏الخارجية موقتا الى الوزير بالوكالة تبعا لمرسوم توزيع الوزارات بالوكالة عند غياب الوزراء الاصيلين، جاء ‏الرد السعودي الأولي باستدعاء وزارة الخارجية السعودية السفير اللبناني في المملكة وتسليمه مذكرة احتجاج ‏شديدة اللهجة. وجاء في بيان لوزارة الخارجية السعودية : “إشارة إلى التصريحات المسيئة لوزير خارجية ‏الجمهورية اللبنانية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة خلال مقابلة تلفزيونية، والتي تطاول فيها على ‏المملكة وشعبها،

‎ ‎فإن وزارة الخارجية إذ تعرب عن تنديدها واستنكارها الشديدين لما تضمنته تلك التصريحات من إساءات مشينة ‏تجاه المملكة و شعبها ودول مجلس التعاون الخليجية الشقيقة، لتؤكد مجددًا على أن تلك التصريحات تتنافى مع ‏أبسط الأعراف الدبلوماسية ولا تنسجم مع العلاقات التاريخية بين الشعبين الشقيقين. ونظرًا الى ما قد يترتب على ‏تلك التصريحات المشينة من تبعات على العلاقات بين البلدين الشقيقين فقد استدعت الوزارة سعادة سفير ‏الجمهورية اللبنانية لدى المملكة للإعراب عن رفض المملكة واستنكارها للإساءات الصادرة من وزير الخارجية ‏اللبناني، وتم تسليمه مذكرة احتجاج رسمية بهذا الخصوص‎.”‎

‎ ‎ولكن ردود الفعل اتخذت دلالة بارزة جديدة مع مطالبة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وزير الخارجية شربل ‏وهبة، بإصدار اعتذار رسمي لها بسبب “إساءات غير مقبولة” خلال تصريحاته الأخيرة. وأعرب الأمين العام ‏لمجلس التعاون نايف فلاح مبارك الحجرف، “عن رفض دول مجلس التعاون واستنكارها” لما ورد على لسان ‏وهبة، خلال مقابلة تلفزيونية “وما ورد فيها من إساءات مشينة بحق دول مجلس التعاون الخليجي وشعوبها ‏وكذلك الإساءة بحق المملكة العربية السعودية‎”.‎

‎ ‎وأكد الحجرف “المواقف الثابتة والراسخة التي قامت بها دول مجلس التعاون الخليجي لدعم الشعب اللبناني ‏الشقيق، تلك المواقف والتي يشهد التاريخ لها والتي تهدف إلى سلامة لبنان دعم استقراره وأمنه، وأن تلك ‏التصريحات تتنافى مع أبسط الأعراف الدبلوماسية ولا تنسجم مع العلاقات التاريخية بين دول المجلس ولبنان‎ “وطالب وهبة “بتقديم اعتذار رسمي لدول مجلس التعاون الخليجي وشعوبها نظير ما بدر منه من إساءات غير ‏مقبولة على الإطلاق‎”.‎

وبدورها أعربت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في الإمارات العربية المتحدة عن “استنكارها واستهجانها ‏الشديدين إزاء التصريحات المشينة والعنصرية التي أدلى بها معالي شربل وهبة وزير الخارجية بالجمهورية ‏اللبنانية في حكومة تصريف الأعمال والتي أساءت إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة ودول مجلس التعاون ‏الخليجي”. واستدعت الوزارة سفير لبنان لدى الدولة وسلمته مذكرة احتجاج رسمية تستنكر فيها هذه ‏التصريحات، مؤكدة أنها تتنافى مع الأعراف الديبلوماسية ولا تنسجم مع العلاقات التاريخية التي تجمع لبنان ‏ودول مجلس التعاون الخليجي‎.‎

‎ ‎واعربت وزارة الخارجية الكويتية عن استنكارها واستهجانها الشديدين لما ورد من “إساءات بالغة” تجاه دول ‏مجلس التعاون الخليجي وشعوبها‎.‎

‎ ‎وأوضحت الوزارة في بيان لها أن “نائب وزير الخارجية السفير مجدي الظفيري استدعى القائم بأعمال سفارة ‏الجمهورية اللبنانية الشقيقة هادي هاشم، وسلّمه مذكرة احتجاج رسمية تضمنت استهجان واستنكار دولة الكويت ‏لتلك الإساءات التي تتنافى وعلاقات الأخوة التاريخية التي تربط دول مجلس التعاون بالجمهورية اللبنانية”، وفق ‏ما ذكرت وكالة “كونا‎”.‎

‎ ‎وكانت رئاسة الجمهورية حاولت التوفيق بين دفاعها الضمني عن تبريرات وهبة والتبرّؤ من كلامه واعتبرت “ان ‏ما صدر عن وهبة من مواقف يعبر عن رأيه الشخصي ولا يعكس موقف الدولة ورئيس الجمهورية العماد ميشال ‏عون‎”.‎

‎ ‎من جانبه عكس وهبة تخبطا في مواجهة العاصفة التي اثارها فتميزت تبريراته بالتناقضات وعمد الى الاعتراف ‏بان “بعض العبارات غير المناسبة التي صدرت عني في معرض الإنفعال رفضا للإساءات غير المقبولة الموجهة ‏إلى فخامة رئيس، الجمهورية، هي من النوع الذي لا اتردد في الإعتذار عنه. كما ان القصد لم يكن ،لا أمس ولاقبله ‏ولا بعده، الإساءة إلى اي من الدول أو الشعوب العربية الشقيقة التي لم تتوقف جهودي لتحسين وتطوير العلاقات ‏معها لما فيه الخير والمصلحة المشتركين ودوما على قاعدة الإحترام المتبادل. وجل من لا يخطىء في هذه الغابة ‏من الأغصان المتشابكة‎”.‎

‎ ‎‎#‎رسالة عون

ولم تتأخر المفارقة الثانية لتخبط العهد ووزرائه ومستشاريه في غرائب سياساتهم اذ قرر العهد حرف الأنظار عن ‏التداعيات الواسعة التي واكبت عاصفة وهبة فوجه رسالته بعد الظهر الى مجلس النواب بواسطة رئيس المجلس ‏نبيه بري لغسل يديه من تبعة تعطيل تشكيل الحكومة والقاء الاتهامات على الرئيس الحريري‎ .‎

‎ ‎وقال عون في رسالته “اصبح من الثابت ان الرئيس المكلف عاجز عن تأليف حكومة قادرة على الإنقاذ والتواصل ‏المجدي مع مؤسسات المال الأجنبية والصناديق الدولية والدول المانحة، لوضع برامج المساعدات التي من شأنها ‏إنقاذ الوطن النازف دما غاليا على جميع الصعد، ولا يزال يأسر التأليف بعد التكليف ويؤبده كما يأسر الشعب ‏والحكم ويأخذهما معا رهينة مساقة إلى الهاوية متجاهلا كل مهلة معقولة للتأليف”. كما اتهم الرئيس المكلف بانه ‏‏”يصر حتى تاريخه على عدم التقدم بتشكيلة حكومية تحظى باتفاقنا وتتوافر معها الثقة المطلوبة من مجلس النواب ‏وفق النص الدستوري، فضلا عن انقطاعه عن إجراء الاستشارات النيابية اللازمة مع مختلف الكتل النيابية (…) ‏والأدهى أنه منقطع عن التشاور المستمر والواجب مع رئيس الجمهورية للاتفاق على تشكيلة حكومية تتوافر فيها ‏ثقة مجلس النواب واللبنانيين والمجتمع الدولي”. وطلب مناقشة رسالته في الهيئة العامة للمجلس النيابي وفق ‏الأصول “واتخاذ الموقف أو الإجراء أو القرار المناسب بشأنها لمنفعة الشعب الذي يئن ألما وهو ينتظر حكومته ‏الجديدة على أحر من الجمر‎”.‎

‎ ‎وفي رد اولي مقتضب على رسالة عون غرد الرئيس الحريري قائلا :”رسالة رئيس الجمهورية الى مجلس النواب ‏إمعان في سياسة قلب الحقائق والهروب الى الأمام والتغطية على الفضيحة الدبلوماسية العنصرية لوزير خارجية ‏العهد تجاه الأشقاء في الخليج العربي… وللحديث صلة في البرلمان‎”.‎

‎ ‎وعلمت “النهار” مساء امس ان الرئيس بري سيدعو اليوم مجلس النواب الى جلسة مخصصة لموضوع رسالة ‏رئيس الجمهورية ضمن مهلة الثلاثة أيام التي يحددها الدستور. وثمة توجه الى ان تقتصر الجلسة على تلاوة ‏رسالة الرئيس عون ورفع الجلسة للمشاورات والاتصالات والمساعي بما يحفظ تطبيق الأصول الدستورية ومن ‏دون التسبب بمزيد من التأزيم‎.‎

Leave A Reply