بعد عشرة أيام من القتال الشرس بأعلى مستوياته بين جيش العدو الاسرائيلي من جهة وحماس والجهاد الاسلامي من جهة أخرى، واستعمال اسرائيل كل اسلحتها البرية والجوية والبحرية، يبدو العدو عاجزا عن السيطرة على موقع واحد في غزة، بل على العكس فان فصائل المقاومة الفلسطينية سجلت في صفوف الجيش الاسرائيلي خسائر كبيرة وبقيت مسيطرة على الوضع رغم اشراك اسرائيل 160 طائرة حربية تشن غارات دون توقف.
رئيس وزراء العدو الاسرائيلي نتنياهو يريد نصراً عسكرياً ليحوله الى نصر سياسي وليفرض شروطه بالاستيطان في القدس والضفة الغربية وخاصةً في حي الشيخ جراح في القدس المحتلة. أما السر الكبير فهو ان نتنياهو يريد القبول بوقف اطلاق النار بعد صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يشبه القرار 1701 الذي اصدره مجلس الأمن ووافقت عليه اسرائيل ولبنان بعد حرب تموز 2006، لأن نتنياهو يعرف ان كتائب القسام ستقصف القدس في منطقة الشيخ الجراح لأنه بعد اسبوعين سيصدر قرار المحكمة الاسرائيلية التي ستفرض على 28 عائلة مقدسية اخلاء الشارع والمنازل ومصادرة السلطات الاسرائيلية ل 18 الف دنم وهي اوسع مساحة في القدس المحتلة. لذلك فان نتنياهو لا يريد وقف اطلاق النار قبل ان ياخذ ضمانة بان كتائب القسام وسرايا القدس والشعب الفلسطيني ان يقبلوا بمصادرة حي الشيخ جراح. هذه النقطة هي مدار خلاف دبلوماسي بين واشنطن وتل ابيب وبين بايدن ونتنياهو وخلال عشرة ايام اجرى الرئيسان اربع مكالمات هاتفية ونقلت وسائل اعلام اميركية واسرائيلية ان نتنياهو رفض طلب بايدن بوقف اطلاق النار لا بل وقف التصعيد القتالي بالكامل.
أعلن العدو الإسرائيلي أمس الأربعاء، إنه لم يحدد إطارا زمنيا لإنهاء هجماته على قطاع غزة، وسط مساع دبلوماسية مكثفة تقودها عدة دول من أجل التوصل لوقف إطلاق النار، وحديث عن اتفاق مبدئي.
وأفاد البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي جو بايدن هاتف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو صباح أمس للمرة الرابعة خلال أسبوع.
وأضاف البيت الأبيض “أجرينا أكثر من 60 اتصالا هاتفيا منذ الأسبوع الماضي مع مسؤولين في إسرائيل والسلطة الفلسطينية ودول أخرى، وسنواصل اتصالاتنا الدبلوماسية من أجل وقف العنف وإيجاد سبيل للمضي قدما”.
وكشف أن بايدن قال لنتنياهو إنه يتوقع خفضا كبيرا للتصعيد أمس تمهيدا لوقف إطلاق النار، قبل أن يضيف البيت الأبيض “نعمل جاهدين لدعم وقف لإطلاق النار، والتوصل إلى هدوء دائم، وبناء طريق لمعالجة أسباب الصراع”.
على صعيد جرائم الاحتلال، قال مسؤولون طبيون فلسطينيون إن 219 استشهدوا خلال 10 أيام من القصف الجوي، الذي دمر طرقا وأبنية ومرافق أخرى خاصة بالبنية التحتية، وفاقم الوضع الإنساني المتردي بالفعل في غزة.
وذكرت “إسرائيل” أن قتلاها بلغوا 12، وأن الهجمات الصاروخية المتكررة أثارت الذعر، وجعلت الناس يهرعون إلى الملاجئ.
وجرى تكثيف الجهود الدبلوماسية الإقليمية والمساعي التي تقودها الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار، لكنها أخفقت حتى الآن.
ولم يشر نتنياهو إلى أي وقف للقتال في تصريحات علنية خلال إفادة لسفراء أجانب لدى إسرائيل، قائلا إنها تواصل عملية “ردع قوي” لمنع حدوث صراع مستقبلي مع حماس.
وفي تصريحات نقلتها وسائل إعلام إسرائيلية، قال نتنياهو “نحن لا نقف بساعة توقيت. نرغب في تحقيق أهداف العملية، العمليات السابقة استغرقت فترة طويلة، لذلك من غير الممكن تحديد إطار زمني”.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن نحو 450 مبنى في قطاع غزة، منها 6 مستشفيات و9 مراكز للرعاية الصحية الأولية، دُمرت أو لحقت بها أضرار كبيرة منذ بدء الصراع، الذي تسبب أيضا في نزوح أكثر من 52 ألف فلسطيني.
اتصالات للتهدئة
ودعت فرنسا، الثلاثاء، إلى إصدار قرار من مجلس الأمن بشأن العنف، وقال دبلوماسيون إن الولايات المتحدة أبلغت المجلس بأن “بيانا عاما في هذا الوقت” لن يساعد في تهدئة الأزمة.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، للصحفيين الثلاثاء “هدفنا هو الوصول إلى نهاية هذا الصراع. سنعكف على تقييم النهج الصحيح يوما بيوم، ما يزال نهجنا في الوقت الحالي هو المناقشات الهادئة والمكثفة وراء الكواليس”.
وكثف وسطاء من مصر والأمم المتحدة كذلك الجهود الدبلوماسية، وستعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة اجتماعا لبحث “العنف” اليوم الخميس.
وذكرت “القناة 12” بالتلفزيون الإسرائيلي، نقلا عن مصادر فلسطينية لم تسمها، أن مصر اقترحت عبر “قنوات سرية” وقف القتال بين إسرائيل وغزة صباح الخميس.
وأصدر عزت الرشق، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، بيانا الثلاثاء، يقول إن التقارير عن موافقة الحركة على وقف إطلاق النار يوم الخميس غير صحيحة.
غير أن حركة حماس أكدت، الثلاثاء، استمرار الجهود المصرية والقطرية والأممية لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وقال المتحدث باسم حماس، فوزي برهوم، للأناضول “لا نتعامل مع الإعلام العبري باعتباره إعلاما معاديا؛ بل نتعامل مع الإعلام الرسمي للدول التي تدخلت لوقف العدوان”.
وأضاف برهوم “الجهود المصرية والقطرية والأممية ما زالت مستمرة؛ لكن الاحتلال يفشلها بالقصف والقتل والعدوان على المدنيين”.
العدوان على غزة في يومه العاشر
هذا وأكد جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه نفذ أمس الأول المرحلة الخامسة من عدوانه على قطاع غزة، وقال إن 52 طائرة حربية قامت بـ 122 غارة على القطاع خلال 25 دقيقة، في الوقت الذي حذر فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أن اعتقاد حماس أنها انتصرت هو هزيمة لإسرائيل وللغرب.
وأفادت مصادر طبية فلسطينية باستشهاد 4 فلسطينيين وإصابة آخرين في الغارات منذ فجر أمس الأربعاء على منازل المواطنين في مناطق متفرقة من قطاع غزة.
وأوضحت المصادر أن 3 منهم استشهدوا في قصف استهدف شَـقة سكنية في شارع الشهداء بمدينة غزة، واستشهد الرابع، وهو يوسف أبو حسين، المذيعُ في إذاعة صوت الأقصى، بقصف استهدف منزله في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة.
وقد دمرت الطائرات الحربية الإسرائيلية منذ فجر أمس 4 منازل ومبنى جمعية خيرية برفح جنوب القطاع، بالإضافة الى قصف مواقع للمقاومة الفلسطينية وأراض زراعية.
وبهذا، يرتفع العدد الإجمالي لضحايا القصف الإسرائيلي على القطاع إلى 219 شهيداً منهم 63 طفلا و36 امرأة و16 مسناً، بالإضافة الى أكثر من 1500 إصابة بجروح مختلفة، منها 50 شديدة الخطورة.
وسبق أن استشهد شاب وأصيب 4 في قصف إسرائيلي استهدف مجموعة من الفلسطينيين بحي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة، كما استشهدت طفلة لم تتجاوز العامين من عمرها، متأثرة بجروح أصيبت بها في قصف إسرائيلي على غزة.
وعلى صعيد الرد على العدوان الإسرائيلي، اعترف جيش الاحتلال بأن 50 صاروخا أطلقت من غزة على “إسرائيل” خلال الليلة الماضية وحتى فجر أمس.
ومن جانبها قالت المقاومة إنها قصفت عددا من القواعد العسكرية الإسرائيلية، كما أطلقت صواريخ على مدن عدة سقط أحدها في شارع رئيسي بين أسدود وتل أبيب.
وقالت كتائب عز الدين القسام إنها استهدفت قواعد عسكرية في كل من حتسور وحتسريم ونيفاتيم وتل نوف وبلماخيم ورامون.
كما أكدت سرايا القدس (الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي) أن قدراتها وإمكاناتها بخير، وأضافت “لدينا مزيد، وهذه صورة مصغرة جدا من إعداد كبير أعددناه للمواجهة لشهور طويلة”.
الديار