الأحد, سبتمبر 22

رسالة انكار… بالزائد!

نبيل بو منصف – النهار

أيا كانت المجريات المرتقبة في الساعات المقبلة وبعدها لتفاعل مجلس النواب بكتله وممثلي الأحزاب والقوى السياسية بكل اتجاهاتها حيال رسالة الرئيس ميشال عون المتصلة بتكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة فان خطورة الرسالة لا تتصل بنمط المعاندة على المعارك المجانية الخاسرة فقط بل تتجاوزه الى افتعال من يقسم اليمين على حماية استقرار البلد ما يهدده في العمق في أخطر الظروف.

يتراءى لنا امام الادمان المزمن للعهد العوني (الذي لا شفاء منه ) على ركوب مركب المحاولات الانقلابية الفاشلة دوما على “الدستور الطائف” ان الهدف الحقيقي من احدث خطواته في ارسال رسالة الى مجلس النواب ليس دفع المجلس للتسليم بانقلاب على الدستور كما يتردد بل اشعال موجات ذات خلفية طائفية فاقعة لم يعد بعض المغامرين في العهد والسلطة يملكون شيئا سوى المتاجرة بها وتوظيفها واستثمارها. معلوم ان آخر رسائل الرئيس عون الى المجلس لا تملك الا شرعية دستورية شكلية في حق رئيس الجمهورية في ارسال الرسائل الى البرلمان، واما المضمون فلا يعدو كونه تحريضا صارخا على انقلاب دستوري بحيث لم يقدم أي رئيس للجمهورية سابقا على محاولة مماثلة اقله من باب توسل الدخول من نوافذ الدستور للانقلاب على الدستور واحداث افتعالات طائفية تهدد وحدة البلاد. التحريض على تكليف الرئيس الحريري ودفع المجلس الى إعادة النظر فيه ونزع التكليف كما يوحي مضمون الرسالة الرئاسية لا يجوز النظر اليه بعد الان من زاوية ممارسة هواية الإدمان على المحاولات الانقلابية ولو الفاشلة دوما. بل لعلنا لا نغالي ان رصدنا قنوطا متعاظما لدى العهد والدائرة السلطوية “الحاكمة” من مدى الاهتراء الذي أصابهما جراء استسلام العهد للبقاء وحده في الدور الذي تطوع له يوم تمادى الى حدود انتحارية في لعب دور الواجهة منفردا في “استراتيجية” تعطيل تشكيل الحكومة. تتجه الأوضاع الإقليمية والدولية في اتجاهات ومسارات لم تستشرفها اي عين في بعبدا على ما يبدو والا لما كانت رسالة من هذا الطراز تصل الى مجلس النواب عبر عين التينة.

واذا كان العهد صار فاقد الصبر لفرط إخفاقاته في كل الاتجاهات فما كان متصورا ان يجنح بنفاد صبره هذا نحو أسوأ الارتكابات التي يراد لها ان تنصب البرلمان أداة انقلابية على موقع رئاسة الوزراء وان ينقلب على صلاحيات الرئيس المكلف فيما يوازي في النهاية اسقاط المجلس لشرعيته بنفسه الامر الذي سيكون تصوره مستحيلا. بذلك لن يبقى امام هذه المحاولة المحكومة سلفا بالفشل المدوي سوى القفز الى الهدف الخفي الاخر وهو اشعال الاشتباك الطائفي واستدراج قوى من هنا وهناك اليه تحت شعارات شعبوية هابطة وعقيمة في الجوهر ولكنا ربما لا تزال تؤدي دورا في احياء العصبيات لدى بعض الفئات المضللة. ما يعني اللبنانيين من هذه المغامرة الجديدة الفاشلة ان تسقط بسرعة محاولة استدراج البلاد الى اصطفاف طائفي عجزت عنه في الآونة الأخيرة كل النزعات المغردة خارج سرب هموم الناس ومآسيهم المتصاعدة التي لعب التحالف الحاكم الدور الساحق في ايصالهم اليها. ولا بأس عندها بمحاولة بالزائد من هذا النوع ما دامت ستؤدي الى صفعة إضافية للذين لم يعد في أيديهم سوى رسائل الانكار التي تحلق بعيدا عن كل واقع ومنطق.

Leave A Reply