الأحد, نوفمبر 24
Banner

اللبنانيون يرحلون بدون عودة … والسلطة تؤمّن «المراكب » !!

عيسى بو عيسى – الديار

فيما قال رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط أن السعودية لا تريد الحريري في هذه المرحلة، ولا يمكن أن نُبقي البلد معلّقاً على هذه العلاقة. واستخدم التيار الوطني الحر موقف جنبلاط لمصلحته، خصوصاً أن العونيين يعتبرون أنفسهم منتصرين، نتيجة التطورات الحاصلة في المنطقة ، وآخرها تغريدة النائب جبران باسيل حول انتصار غزة وقوله: «لا هزائم بعد اليوم»! هذا ما تهتم به السلطة المتبقية في البلاد !!

وسط هذه المستجدات، وخصوصا شبه الدعوة من جنبلاط الى الرئيس المكلف سعد الحريري بحسم خياراته مما يعقّد الازمة الى مستوى عدم العودة الى التفاهم بشكل قطعي ، في هذا الوقت وبعيدا عن إهتمامات أهل السلطة، تشير مصادر سياسية الى أن لبنان يشهد منذ عقود أزمات متتالية، فقد عرف الحرب الأهلية والتوترات الأمنية والتفجيرات والاغتيالات، وكل ذلك دفع بمئات الآلاف من اللبنانيين إلى الهجرة أو البحث عن عمل في الخارج ، وفي كل عائلة يوجد فرد على الأقل اختار مغادرة البلاد إلى أميركا اللاتينية أو الدول الافريقية أو أوروبا أو دول الخليج ، فيما السلطة في لبنان تسعى الى تأمين مراكب الرحيل لأبنائها جراء الفظائع المرتكبة ضد الناس !؟

الامر لا يتوقف عند هذا الحد من قعر الانهيار وفق المصادر، حيث هناك رغبة شبه جماعية لدى اللبنانيين بالرحيل عن البلد نهائيا وإلى الأبد وسط قسوة الظروف الاجتماعية والمالية، التي باتت تهيمن على حياتهم بسبب الجمود السياسي الذي زاد من تعاسة الناس وجعلهم يحزمون حقائبهم استعداد للمغادرة ، وتقول : لو عرف أهل السلطة في لبنان ما هي « كمية» الراغبين بالرحيل عن البلد كخيار وحيد «مع روحة بدون عودة» ، وهم بالتالي واهمون وغير مستيقظين على الفاجعة ونوعية المهاجرين من المهنيين من الشباب ومتوسطو الاعمار من الأطباء والمهندسين والصيادلة والمصرفيين، كجزء من أحدث موجة من الهجرة في تاريخ هذه الدولة الصغيرة وكانت النتيجة واحدة من أكبر الجاليات في العالم بالنسبة لحجم البلد، وتقدر بنحو ثلاثة أضعاف عدد السكان البالغ 5 ملايين نسمة في الوطن لما تولدت لديهم أفكار تسلم السلطة التنفيذية على وطن هاجره أهله بشكل هستيري !!

وتلفت المصادر نفسها الى أنه على مسافة قصيرة من حلول استحقاقين داهمين، أحدهما يتصل بدخول البلاد في العتمة الشاملة، مع توقعات ببدء إطفاء معامل الانتاج وفق تقديرات لجنة الطاقة النيابية، وثانيهما يتعلق برفع الدعم في شكل عشوائي وغير مدروس على شاكلة القرارات الحكومية وما يتبعهما حكما فوضى إجتماعية وأمنية، لم يتحرك أي مسؤول بعد لشرح الخطوات أو الاجراءات الممكن اتخاذها لتخفيف حدة السقوط المريع المتوقع في مرحلة باتت أقرب من توقعات غالبية اللبنانيين أو المسؤولين الذين يعيشون حالة إنكار تامة لحجم الكارثة المقبلة على البلاد.

وتقول هذه المصادر أن السياسيين في البلد وبكل وقاحة يستغلون وجع الناس وجوعهم من أجل البناء على تجميع الاصوات في الانتخابات النيابية، إن من خلال تأمين اللقاحات أو «كرتونة إعاشة» و«علبة دواء»، فيما الناس تفتش عن منفذ بحري أو بري للهروب من البلاد !! والأنكى من كل ذلك أن المشهد الحكومي يتعزز واقع العجز أو ربما الأصح عدم الرغبة لدى أي من الأفرقاء المعنيين بملف التأليف معالجة العقد القائمة، ما يؤكد أكثر أن لا حكومة في الأفق القريب، ولا حظوظ لنجاح أي رهان على ربط الملف اللبناني بملفات المنطقة، ذلك أن لبنان لا يبرز حالياً على أي من الرادارات الإقليمية او الدولية، خصوصاً بعد أحداث غزة فالتفاوض السعودي الايراني أولويته اليمن، فيما التفاوض الاميركي الايراني أولويته النووي!

وفي رأي هذه المصادر أن لا حلول يمكن أن تخرج لبنان من مأزقه في المستوى الذي بلغته الأزمة اليوم، وتشير الى أن لبنان في حاجة ماسة للاصلاحات، ومفتاح الحل يكمن في تشكيل حكومة جديدة، ولكن ليس أي حكومة لأن الامر يتطلب طريقة تفكير جديدة ومقاربة مختلفة لأن الازمة وطنية وتتطلب مقاربة وطنية وليس زبائنية كما هو حاصل اليوم ، وهذا الامر لا يمكن أن يحصل في المدى المنظور ، ومن هنا ترى المصادر أن على اللبنانيين أن يعوا الأخطار الداهمة وأن يتوّلوا زمام المبادرة والتحرك من أجل وقف النزيف المالي، سيما أن الأيام المقبلة لا تحمل آفاق انفراج، بل على العكس المزيد من التأزم والانزلاق نحو قعر الهاوية، بحيث يصبح الخروج أكثر كلفة ووجعاً في بلد بدأ يفقد ابرز مقومات صموده ومناعته.

Leave A Reply