السبت, نوفمبر 23
Banner

الشارع يتحرك تحذيرياً.. والحريري قد يقدّم تشكيلة جديدة “بالمعايير نفسها‎”‎ فضيحة رسمية جديدة: قرض البنك الدولي حبرٌ على ورق.. والسبب لا مستندات من الحكومة

ومرّ يوم عيد التحرير، دون أن يتحقق للبنانيين تحريرهم من أعباء الأزمات. لا بل لا تزال يومياتهم مثقلة بأقصى ‏أنواع الضغوط المعيشية والتحديات الاقتصادية الخانقة، وتضاف اليها مناورات سياسية وهمية تغيب عنها النتائج ‏الفعلية، يخوضها المعنيون بملف تشكيل الحكومة، والهدف تقاذف كرة التعطيل من فريقٍ الى الثاني تهرباً من ‏تحمل مسؤولية الإنفجار الإجتماعي‎.‎

ومن الواضح أن أحداً لا يريد أن يقوم بواجبه وفق ما يمليه عليه موقعه الدستوري والمصلحة الوطني والضمير ‏لتسيير شؤون الناس والبلاد، ولعل الأسباب الابرز لذلك شخصية أو فئوية ضيقة وفق توصيف ومجاهرة كل ‏المتابعين للملف، إذ يعقل أن يتم رهن لبنان وشعبه بلقاء ثنائي أو إتصال؟ وغالبية المواكبين والساعين على خطوط ‏التأليف المقطوعة يجزمون أن الأزمة داخلية، وأن التعويل على التحولات الخارجية في ظل الإهمال الدولي للبنان ‏هو إنتحار. ويبقى الحل الوحيد المتاح محصوراً بإتفاق رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد ‏الحريري على تقريب وجهات نظرهما وتشكيل الحكومة، وهو الأمر الذي أشار إليه الأمين العام لحزب الله حسن ‏نصرالله، إما مباشرة عبر تواصل الطرفين، أو عبر وساطة يجريها رئيس مجلس النواب نبيه بري، علماً أن ‏نصرالله أكد أن الحل لا يكمن في إستقالة عون أو إعتذار الحريري، معتبرا ان الإلغاء يغيب عن قاموس السياسة ‏في لبنان. وينضم نصرالله بذلك الى رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط والبطريرك الماروني بشارة ‏الراعي والرئيس بري وسواهم من القيادات الذين يحثّون على اتفاق عون والحريري‎.‎

وفي سياق متصل، بدأت ملامح الإنفجار الإجتماعي المرتقب تلوح بالأفق، في ظل رفعٍ مقنّع للدعم وتفلّتٍ ‏بالأسعار، وانقطاع المحروقات، وطوابير الصيدليات والمتاجر وغيرها، فيما تغيب الحكومة تصريف الأعمال ‏بشكل تام عن المشهدية. ومن المتوقع أن يُستتبع المشهد الأسود بتفلتٍ أمني إضافي، وما هو مقتل شاب أمام محطة ‏محروقات الأسبوع الماضي بسبب خلاف بين شبان ينتظرون في طابور إلّا خير دليل‎.‎

وفي ظل كل ذلك يشهد الشارع تحركات إحتجاجية بسبب سوء الواقع الإقتصادي والمعيشي، المقبل على سوء ‏أكبر مع الوقت بمباركة رعاة الفراغ والعرقلة. وتتصدر النقابات العمالية تحركات اليوم بدعوة من الإتحاد العمالي ‏العام في محاولة للضغط على المعنيين لتشكيل الحكومة وإنقاذ البلاد من المأزق الكبير الذي وقع فيه. وإذ يعقد ‏اللبنانيون آمالاً على وصول التحركات إلى نتيجة ملموسة على قاعدة أن “الغريق يتمسك بقشة”، إلّا أن المؤشرات ‏سلبية، فتلك السلطة التي تشهد على موت المواطنين كما القطاعات يومياً لن تحركها بضعة إعتصامات أو ‏إضرابات‎.‎

وتعليقاً على التحركات المرتقبة اليوم، من إعتصامات وإضراب، رحب رئيس جمعية حماية المستهلك زهير برو ‏بـ”أي حركة تجريها الإتحادات العمالية، فهذا دورها الطبيعي القاضي في الدفاع عن حقوق الناس، وهذا مبرر ‏وجودها، ومن واجبها أن تقوم بضغط على السلطة السياسية للقيام بواجباتها تجاه الشعب، خصوصاً وأن من بعد ‏إنتفاضة 17 تشرين، لم يلزم أحد السلطة للقيام بأي تحرك‎”.‎

وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، إعتبر برو أن “السلطة لا ترغب بإتخاذ أي إجراء لمصلحة الشعب ‏نتيجة ضغوط المصارف وكبار التجار والحكام الذين يستفيدون من الواقع القائم، وبالتالي التحرك وإنزال الضغوط ‏على السلطة لتحمل مسؤوليتها أمر ضروري‎”.‎

وحول واقع اللبنانيين اليوم بين تراجع القدرة الشرائية وإرتفاع أسعار المنتجات، لفت برو إلى ان “الفوضى ‏وإرتفاع سعر صرف الدولار وغياب الإستقرار الإقتصادي كما غياب الإجراءات الحكومية، هي الأسباب التي ‏تقف وراء هذا الحال، وفي الحالات المشابهة عالمياً، تقوم الدول بوضع خطط لتشجيع القطاعات وتنميتها، وتقوم ‏بإختبارها وتصحيح الأخطاء، لكن في لبنان، تغيب الحلول وتحضر المصالح الفئوية‎”.‎

ورأى برو أن “المؤشرات سلبية، فلبنان حتى الآن لم يستفد مثلاً من قرض البنك الدولي الأخير لأنه لم يقدم ‏المستندات اللازمة، كما هناك مبالغ أخرى مرصودة من قبل البنك للبنان، لكن السلطة السياسية لا تعمل على ‏استثمارها لأن شروط الإستفادة قاسية تحرمها من السرقة، وفي حال إستثمرتها لتمويل البطاقة التمويلية مثلاً، ‏فعندها ستكون هذه البطاقات ملغومة لتستفيد منها السلطة نفسها‎”.‎

وزير المالية تطرق في مقابلة تلفزيونية قبل يومين إلى البطاقة التمويلية، مشيراً إلى أن مصادر تمويلها تشكل نقطة ‏ضعف الملف. من جهته، ذكر مدير أنظمة الدفع سابقا في مصرف لبنان رمزي حمادة أن “مصادر التمويل ‏المحتملة هي إما المساعدات الأجنبية أو القروض، في وقت مصرف لبنان غير قادر على التمويل بسبب الوصول ‏إلى حافة الإحتياطي الإلزامي، إلّا أن التنسيق مع “المركزي” ضروري‎”.‎

لكن حمادة أشار في حديث مع “الأنباء” الإلكترونية إلى أن “الإستفادة من قروض البنك الدولي أو صندوق النقد ‏تفرض على الحكومة إتخاذ إجراءات جدية لضمان إستثمار القروض بطريقة صحيحة، كإستهداف الطبقات ‏الفقيرة والمحتاجة دون غيرها، وهذا يتطلب استعادة الحكومة للثقة المفقودة، لكن الحكومة الحالية لم تقم بأي تحرك ‏لكسب الثقة، وبالتالي أي تأخير اليوم يعني خسارة هذه الفرص‎”.‎

وفي ظل التأزم السياسي القائم وسوداوية المشهد وغياب الحلول، لفت حمادة إلى إجراء يتخذه مصرف لبنان ‏لإطالة أمد الإستفادة من الأموال التي بحوزته، “فهو يقوم على تخفيض نسبة الإحتياطي توازياً مع سحب ‏المودعين لأموالهم من المصارف، فيستفيد من الفرق‎”.‎

أما وحول المنصة التي أطلقها مصرف لبنان، رأى حمادة أن “المنصة مهمة، و”المركزي” يحاول عبرها فرض ‏الإستقرار في الأسواق السوداء، لكنها تحتاج إلى مقومات من حكومة موثوقة إلى إجراءات جدية. كما أن أول فترة ‏من العملية ستكون بهدف الإختبار، ومن غير المتوقع أن نشهد أي نتائج قبل شهر، لكن بالوقت نفسه يجب أن يتم ‏دعم هذه المنصة من قبل المصارف والسياسيين على حد سواء، بهدف تطوير المنصة وتوسيع رقعة المستفيدين ‏منها‎”.‎

وعن خطة إستعادة أموال المودعين، لفت حمادة إلى أن “المركزي وضع 25 الف دولار بالعملة الأجنبية كحد ‏أقصى، لكن المبالغ تتفاوت حسب الأموال المودعة في المصارف، كما أن مصرف لبنان طلب من المصارف ‏معلومات حول المودعين والمبالغ، وبالتالي لو لم يكن مستعدا لتنفيذ الخطة لما أعلن عنها‎”.‎

سياسياً، ما من شيء جديد، فالأمور على حالها والفراغ مستمر. ومع الحديث عن أنباء حول إحتمال عودة ‏الحريري من الخارج في وقت قريب، لفت عضو كتلة المستقبل النائب عثمان علم الدين إلى أن “الحريري لم يغادر ‏نهائياً أساسًا، فهو بسفرة خاصة وليس ببعيد عن الأجواء السياسية، وسيعود متى إستجد جديدٌ‎”.‎

وفي إتصال مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية، شدد علم الدين على أن “لا نية لدى رئيس الجمهورية لتشكيل حكومة ‏أو إنقاذ لبنان من الإنهيار الحالي، بل أن محور مشروعه ومعركته ضمان مستقبل الصهر كرئيس للجمهورية، ‏لكنه لا يتلفت إلى كلفة هذا المشروع على اللبنانيين‎”.‎

وعن دعوة البطريرك مار بشارة الراعي للحريري لتقديم تشكيلة حكومية جديدة لعون، أكد علم الدين أن ‏‏”الحريري جاهز لأي خطوة فيها مصلحة للبلد، وهو قد يقدم على الخطوة المذكورة، لكن المعايير التي يعتمدها لن ‏تتغير‎”.‎

أما وحول الكلام الذي صدر عن تكتل لبنان القوي حول الإستقالة من المجلس النيابي والتوجه نحو إنتخابات نيابية ‏مبكرة، قال علم الدين: “لو قام التيار الوطني الحر بدراسة للرأي العام لعدَل عن هذا التوجه، وليذهبوا إلى المجلس ‏النيابي لإقرار قانون انتخاب جديد غير طائفي في حال كانوا جديين، لكن الأمر لا يتعدى الفذلكة السياسية‎”.‎

من جهته، كشف عضو كتلة التنمية والتحرير النائب محمد نصرالله أن “الرئيس بري سيتوجه إلى تفعيل مبادرته، ‏وسيحث الأفرقاء لتقريب وجهات النظر، وهو يربط ملف تشكيل الحكومة بفترة أسبوعين نسبةً للوضع ‏الإقتصادي والإجتماعي الذي يسير من سيءٍ إلى أسوأ، فالدعم قد رفع عن العديد من المنتجات، والأسعار ترتفع، ‏والناس تنتظر في الطوابير، وبالتالي ما من وقت‎”.‎

وفي حديث مع “الأنباء” الإلكترونية، أشار نصرالله إلى “الكلام حول إنتخابات نيابية مبكرة لا قاعدة له حتى ‏الآن، خصوصاً وأننا على بعد سنة من إجراء الإنتخابات في موعدها، والمطلوب اليوم الإعداد لها والتشديد على ‏أن لا يتم السماح لأحد بتأجيلها.

الأنباء

Leave A Reply