السبت, نوفمبر 23
Banner

دون برامج إصلاحية وقيادة ثورية الحراك الشعبي في لبنان إلى أين؟

ذوالفقار قبيسي – اللواء

زحمة على محطات البنزين وأبواب الصيدليات والمحلات والسوبرماركت، وتقنين للكهرباء والوقود والدواء وسلع الغذاء، وما وجد منها العين عليه بصيرة واليد قصيرة. ولا أحد يدري كيف سيكون عليه حال الدعم: إلغاء أم تجميدا أم ترشيدا. وحكومة «الاختصاصيين» التي وعدت بالكثير من الأعمال انتهت الى تصريف أعمال دون أن تنفذ شيئا سوى تصريحات بلاغية بقيت حبرا على ورق، فيما الاقتصاد يستمر بالانهيار، والحراك الشعبي يراوح مكانه على منصة الانتظار، ودون أن يكون لديه بعد ما يقترب من عامين على بدايته أي خطة عملية للإنقاذ وأي مجموعات قيادية تأخذ به إما الى انجازات تمهيدية أو الى حالة ثورية تحدث تغييرات أساسية في حياة لبنان السياسية والإدارية والاقتصادية كلما تأخّر تحقيقها أعطت الطبقة الحاكمة فرصة لإفشال الحراك وإطفاء حرارة الانتفاضة وإعادة عقرب الساعة الى وراء، كما حصل للكثير من الانتفاضات التي خلال فترات انتظار سلمية طويلة، اغتيلت أو انتهت الى دون جدوى، كما حصل لثورة المكسيك التي أجهضت في عملية قمع منذ نحو قرن كامل وتحوّلت الى تجربة حيّة لباقي الثورات والانتفاضات في العالم.

ومن بين الكتب المهمة التي يمكن للحراك الشعبي في لبنان أن يستفيد منها: كتاب «الثورة في المكسيك» لـ «رونالد اتكنس» و«الثورة البطريركية» لـ «جون ووماك»، والقاسم المشترك بينهما هو ان الاعتماد على المعارضات السياسية البرلمانية والشعبية والانتفاضات السلمية لفترة طويلة دون برامج إصلاحية واضحة ومفصّلة وقيادة ثورية، يعطي حكومات التسلّط والفساد المهلة الكافية للانقضاض على هذه الانتفاضات. وحتى لو وضعت برامج في فترة لاحقة وظهرت قيادات هذه الانتفاضات بصورة متأخرة فان الحكومات تكون قد أعدّت نفسها كفاية لسحق هذه الانتفاضات وحتى لاغتيال قادتها عند الضرورة. والنموذج الذي يركز عليه الكتابان هو المعارضة السياسية في المكسيك التي تأخّرت فترة طويلة لتتحوّل الى إنتفاضة والانتفاضة التي تأخّرت فترة طويلة لتتحوّل الى ثورة استطاعت السلطة إجهاضها واغتيال قائدها Emiliano Zapta الذي تأخّرت الثورة في اختياره والاعتراف به زعيما لها وهو الذي وصف فيما بعد بـ «غيفارا المكسيك» الذي استشهد في المعركة قبل أن يولد غيفارا كوبا، وعرف عنه مقولته الشهيرة: «خير لك أن تموت واقفا من أن تعيش راكعا» وما زال في بلاده حتى اليوم رمزا وطنيا وقوة دفع روحي لجميع المكسيكيين في المدن والقرى، وضمير التغيير الاجتماعي لطلاب الجامعات والمدارس في المكسيك، رغم انه كان فلاحا أميّا لم تقترن ثوريته بأي فكر ايديولوجي أو تاريخي، ولم يعرف فن الخداع وبراعة التسويات السياسية وطبّق الاشتراكية قبل أن يسمع بها وكان يبكي لحال الفقراء والجياع من أبناء شعبه وحوّل الكثيرين منهم الى ثوار تمكّن معهم وبجيش من ٢٥٠٠٠ رجل من الانتصار على فرق القمع الحكومية التي كانت خلال فترة الوقت الضائع للفترة السلمية للانتفاضة ودون برامج موحدة ودون قائد لها، قد أعدّت خطة لقمعها وسلّمت رجال الانتفاضة الى حبال المشانق وانهالت على زعيمهم «زاباتا» بوابل من الرصاص انهت به ثورة المكسيك الأولى التي استمرت على مدى الأعوام ١٩١٠ و١٩٢٠ وتمرُّ الآن ذكرى استشهاد زعيمها الذي تحوّل على مدى الـ١٠٠ عام الماضية الى أيقونة وطنية لشعوب أميركا اللاتينية ولشعوب العالم ومنها لبنان الذي يتعثر حراكه الشعبي وآن أوان تحوّله الى انتفاضة والانتفاضة الى ثورة والثورة الى قيادة والى برامج.. وإلا إلى الفوضى والاضطرابات الأمنية والمزيد من الانهيارات الاقتصادية والانقسامات الاجتماعية.

Leave A Reply