السبت, نوفمبر 23
Banner

الجمهورية : سجال “التيّارين” يُهدّد المبادرات ‏وعون لن ينتظر الحريري طويلاً

إيجابيات النهار بدّدتها سلبيات الليل، ما هدد بفشل المساعي ‏والمبادرات الجديدة الجارية لتأمين ولادة الحكومة، الامر الذي قد يضع ‏البلاد أمام أفق مجهول، ذلك انّ السجال العنيف الذي تجدد مساءً بين ‏تيار “المستقبل” و”التيار الوطني الحر” دَلّ على انّ اي تقارب عملي ‏حول الاستحقاق الحكومي لم يحصل بعد، ويخشى ان لا يحصل لأنّ ‏مضمون السجال ومادته هذه المرة تتميّز بالقسوة التي بلغت ‏بـ”المستقبل” حد إطلاق “هاشتاغ” بعنوان “رئيس جهنم” على مواقع ‏التواصل الاجتماعي، ما أثار مخاوف على مصير مبادرة رئيس مجلس ‏النواب نبيه بري ومساعي البطريرك الماروني مار بشارة بطرس ‏الراعي الذي اجرى اتصالات بين عين التينة وبيت الوسط ليل امس، ‏وحسب المعلومات التي حصلت عليها الجمهورية فإن الراعي سيزور ‏بعبدا بعد ظهر اليوم للقاء الرئيس عون لإخراج الاستحقاق الحكومي ‏من عنق الزجاجة.‏

فيما يقود ثنائي “حزب الله” وحركة “أمل” عملية الدفع من أجل ولادة ‏الحكومة في اتجاه ثنائي رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس ‏المكلف سعد الحريري، تبدو المهمة صعبة ولكن غير مستحيلة. صعبة ‏لأنّ العلاقة بين الرئيسين معدومة الثقة، وتجربة التكليف عمّقت هذه ‏الهوة. وغير مستحيلة كون المساحات المشتركة موجودة دائماً، ونقاط ‏الخلاف شخصية أكثر منها سياسية، ولأنّ البلاد، وهذا الأهم، بحاجة ‏إلى حكومة، ولم تعد تحتمل استمرار الفراغ المفتوح على الأسوأ مالياً، ‏وبالتالي هل تنجح قوة الدفع الثنائية في تقريب المسافات بين عون ‏والحريري؟

‏ ‏ما زال التصعيد السياسي بين قصر بعبدا وبيت الوسط سيد الموقف، ‏والأهم الشروط والشروط المتبادلة، ولا يكفي ان تكون النيات صافية ‏للتأليف في حال وجدت، وهي مبدئياً غير موجودة، إنما يجب ان يكون ‏هناك استعداد لتضييق الفجوات، الأمر غير الموجود حتى اللحظة، ‏حيث يصرّ كل طرف على شروطه وأفكاره، وفي حال لم يحصل تنازل ‏مشترك نحو المساحة التي تسمح بالتأليف، فإنّ الفرصة التي لاحت ‏في الأفق ستتبدّد سريعاً.‏

‏ ‏وقالت مصادر مواكبة للمساعي الجارية لـ”الجمهورية” انّ المسألة ‏أبعد من شياطين تكمن في التفاصيل، ولذلك هي أصعب، كون الأزمة ‏تنطلق من مبدأ رفض التعاون والذي تحوّل انعدام ثقة، وما بينهما ‏حسابات تبدأ من النصف الفارغ من الكوب في ظل الخشية من أن لا ‏تتمكن الحكومة العتيدة التي يدور الخلاف حول تأليفها منذ أكثر من 7 ‏أشهر من إخراج البلد من الأزمة المالية، فتنعكس سلباً على القيّمين ‏عليها في مرحلة دخلت فيها البلاد، بنحو أو بآخر، مرحلة العد التنازلي ‏للانتخابات النيابية، خصوصاً انّ الأزمة باتت كبيرة الى درجة من ‏الصعب حلها بخطوات مبسّطة، وتتطلب إصلاحات جذرية وخطوات ‏جريئة فعلية، الأمر غير المضمون بدليل انّ إنجازات الـ95 % للحكومة ‏المستقيلة بقيت على الورق وفي الأقوال لا الأفعال.‏

‏ ‏ولا يمكن حتى اللحظة الجزم في أي اتجاه، ففرًص التأليف تتساوى مع ‏عدمه، وبمقدار ما انّ ثمة فرصة جدية في ظل قوة دفع استثنائية ‏يمكن ان تولِّد حكومة، بمقدار ما انّ احتمالات إجهاض هذه الفرصة ‏قائمة، وما هي إلّا ساعات قليلة حتى يظهر الخيط الأبيض من الخيط ‏الأسود، فإذا تشكّلت الحكومة تبدأ مرحلة جديدة بعناوين وتحديات ‏مختلفة، وفي حال أُجهضت هذه الفرصة تكون البلاد أمام احتمالين لا ‏ثالث لهما: إستمرار الفراغ حتى نهاية العهد، أو بدء التفكير الجدي ‏بحكومة بوظيفة محددة وهي الانتخابات النيابية، إذ لعله مع حكومة ‏من هذا النوع يصار إلى فك الاشتباك السياسي تحت عنوان انتخابي ‏بدأت معظم القوى السياسية استعداداتها وتحضيراتها لهذا الاستحقاق ‏الذي ينقسم الرأي حوله بين من يرى أنه سيشكل تحولاً وتغييراً، وبين ‏من يعتبر ان موازين القوى ستبقى هي نفسها تقريباً.‏

‏ ‏الحذر الضروري

‏ ‏وأبلغت مصادر سياسية واسعة الاطلاع الى “الجمهورية” انّ قصر ‏بعبدا لم يكن حتى أمس قد وصله اي طرح جديد من بري في ‏خصوص معالجة المأزق الحكومي، مُعربة عن اقتناعها بأنه “متى ‏أصبح لدى رئيس المجلس اي مستجد على هذا الصعيد يتطلب ‏التشاور مع رئيس الجمهورية، فسيكون مرحّباً به في بعبدا”.‏

‏ ‏واكدت المصادر المواكبة لمفاوضات الملف الحكومي انفتاح عون ‏على اي مقاربة من شأنها الدفع في اتجاه تشكيل الحكومة على أسس ‏صحيحة، مشيرة الى “انّ الحذر يظل ضرورياً عندما يكون الأمر متعلقاً ‏بالرئيس سعد الحريري. وبالتالي، فإنّ الأمور تبقى في خواتيمها “وما ‏تقول فول حتى يصير في المكيول”.‏

‏ ‏ولفتت الاوساط الى “انّ تقدماً كبيراً حصل على مستوى معالجة عقد ‏عدة، منها ما يتعلق بتوزيع الحقائب وتسمية وزيري الداخلية والعدل، ‏غير أنّ المشكلة الاساسية لا تزال تكمن في آلية تسمية الوزيرين ‏المسيحيين من خارج حصة رئيس الجمهورية والاحزاب”.‏

‏ ‏الى ذلك، قالت اوساط قريبة من عون لـ”الجمهورية” انه “سيعطي ‏مسعى بري الفرصة الكاملة وهو يأمل في نجاحه، ولكن إذا لم تتحقق ‏نتيجة إيجابية قريباً فإنّ رئيس الجمهورية سيضطر الى اعتماد خيارات ‏أخرى لتشكيل الحكومة”. واشارت هذه الاوساط الى “انّ عون لا ‏يستطيع أن يقبل باستمرار الواقع الحالي الذي يُفاقم معاناة اللبنانيين، ‏وهو يدفع دائماً في اتجاه تغليب الإيجابيات، إنما لا يمكنه ان يظل ‏منتظراً الحريري حتى نهاية عهده”.‏

‏ ‏وفي سياق متصل، لاحظ زوّار عين التينة ان الرئيس نبيه بري بدا امس ‏اقل ارتياحاً مما كان عليه أمس الأول، الا انه لا يزال يتمسّك بمحاولة ‏إيجاد الحل، فيما عُلم انّ رئيس المجلس ينتظر ردوداً على طروحات ‏قدمها الى طرفي الخلاف، حتى يبنى على الشيء مقتضاه.‏

‏ ‏الا ان مصدراً قريباً من احد المراجع السياسية اعتبر ان السجال العنيف ‏الذي تجدد بين تيار “المستقبل” و”التيار الوطني الحر” امس لا يوحي ‏أنّ الطرفين يقتربان من التفاهم بل العكس هو الصحيح، مبدياً تخوفه ‏من ان يكون بيان “المستقبل” الحاد مؤشراً إلى أنّ الحريري ليس جاهزاً ‏بعد لإتمام الولادة الحكومية. واعتبر المصدر انّ انجاز الحل قد يتطلب ‏في نهاية المطاف عقد لقاء بين الحريري وباسيل في حضور بري.‏

‏ ‏تسريبات وتكتم

‏ ‏وعلى وقع تكتم مصادر بعبدا على ما هو مطروح من مخارج توازياً ‏مع انتقال الحركة الى منزل باسيل، بَدت الحلول المطروحة مدار جدل ‏بينه وبين ممثلي بري و”حزب الله”.‏

‏ ‏وعلى رغم مما انعقد من لقاءات في بيت الوسط وأُبقيت بعيداً من ‏الاعلام، لم يعلن امس سوى عن اجتماع كتلة “المستقبل” النيابية. في ‏وقت لفتت المصادر الى انّ الحريري ما زال مصرّاً على حقه في ‏تسمية الوزيرين المسيحيين ما نفى السيناريوهات التي تحدثت عن ‏ان يسمّي بري هذين الوزيرين او أن يضع وعون والحريري لائحة اسماء ‏مختلطة يُصار الى اختيار اسمين منها.‏

‏ ‏وأكدت مراجع معنية انّ الاتصالات لم تأت بعد بما تشتهيه اكثرية ‏اللبنانيين في ظل الغموض الذي يلفّ الاقتراحات الاخيرة لبري، والتي ‏قيل انها تنتظر موافقة عون فيما يصرّ الطرف الآخر على انتظار جواب ‏الحريري على طروحات بري، وهو أمر زاد من الغموض الذي لَفّ نتائج ‏لقاء بري ـ الحريري ولقاء باسيل ـ الخليلين.‏

‏ ‏وما بين هذه المعطيات قالت المصادر انّ الحريري اثار مع بري ‏موضوع ان يمنح تكتل “لبنان القوي” الحكومة وإذا لم يكن ذلك ‏مضموناً، فإنّ حصة رئيس الجمهورية قد تنخفض الى 4 وزراء بدلاً من ‏‏8، وانّ لديه تركيبة وزارية تشرح المعادلة الجديدة بقيت بتصرّف رئيس ‏المجلس وحركة اتصالات ولم يعرف ما اذا كانت وصلت الى باسيل.‏

‏ ‏وفي رواية أخرى أكد مصدر مطلع لـ”الجمهورية” عقم الاتصالات ‏الجارية التي أوحَت بأنه يمكن التوصّل الى صيغة حكومية قابلة ‏للتوليد في المرحلة المقبلة. ولفتت الى أنّ بعض الاوساط المتدخلة ‏مباشرة في الملف الحكومي اشاعت اجواء ايجابية جاءت معاكسة لما ‏انتهت اليه ورشة الاتصالات، او على الاقل فإنها لم تنته بعد الى حل ‏عقدتي “الثلث المعطل” وتسمية الوزيرين المسيحيين عل رغم من ‏الفروقات التي ميّزت بعض المواقف، وهو ما لم يتلمّسه المراقبون ‏لأدق التفاصيل بعد.‏

‏ ‏فبركة الحجج

‏ ‏وكان باسيل قال إثر الاجتماع الاسبوعي لتكتل “لبنان القوي”: “بما ‏يعنينا سنطفئ أي ذريعة جديدة لعدم تشكيل الحكومة وواضح ان ‏هناك “فبركة” للحجج لعدم التأليف، ونحن أظهرنا مراراً عدم تمسّكنا ‏بأي وزارة وبينها وزارة الطاقة، لكننا مع توزيع الوزارات بالمناصفة وبين ‏الكتل والطوائف، ونحن لن نترك مجالاً لأي امر يمكن ان نقوم به الا ‏ونفعل للتسهيل لأننا نريد حكومة وبرئاسة رئيس الحكومة المكلف ‏سعد الحريري”. وأكد باسيل “تأيبده الكامل لمسعى بري بمعاونة ‏‏”حزب الله” من اجل الاسراع بتأليف الحكومة”، وقال: “رئيس ‏الجمهورية واضح في أنه لا يريد اي وزير اضافي على الثمانية، ويؤيد ‏اي آلية او وسيلة لتسمية وزراء لا يمتّون اليه لا سياسياً ولا بأي صلة، ‏كأن يكونوا من المجتمع المدني او الادارة اللبنانية او غيرها”.‏

‏ ‏‏”المستقبل” يرد

‏ ‏وردّ تيار “المستقبل” على باسيل ببيان وصفه فيه بأنه “رئيس الظل” ‏‏”الذي لا يترك مناسبة إلا ويتكلم بها بلسان رئيس الجمهورية، ويؤكد ‏المؤكّد بأنّ إرادة التعطيل تتقدم لدى الرجلين على كل الإرادات ‏الوطنية الساعية إلى تأليف حكومة مهمة طال انتظارها من قبل ‏اللبنانيين”.‏

‏ ‏وسأل: “هل نحن في عهد جبران باسيل ام في عهد ميشال عون؟ ام ‏أن الاقدار قد رَمت اللبنانيين في مستنقع سياسي يديره باسيل ويرعاه ‏عون؟. واضاف: “انّ الشمس طالعة والناس قاشعة، واللبنانيون كفروا ‏بعهد باسيل وعون، وباتوا يسمّونه بـ”عهد جهنم”، فهل من يتّعظ رأفة ‏باللبنانيين؟ أم أن لا مكان للبنانيين في حسابات باسيل ومن لَف لفه ‏في هذا العهد؟”.‏

‏ ‏وفي غضون ذلك أكد نائب رئيس تيار “المستقبل” مصطفى علوش، ‏‏”أنّ الاعتذار أصبح مطروحاً عند الرئيس المكلّف سعد الحريري. حتى ‏أن الخطوة نفسها على صعيد البرلمان، ليست ببعيدة، فالحريري إذا ‏وجد مؤشّرات تؤدي إلى طريق مسدود مع السلطة، فسيستقيل من ‏المجلس النيابي”.‏

‏ ‏وأوضح علوش، في حديث متلفز، “أنّ الاعتذار يحتاج إلى مزيد من ‏الاستشارات مع رؤساء الحكومات السابقين، والمجلس الرئاسي في تيار ‏المستقبل، ونواب الكتلة”، مشدداً على أنه “لن يكون خطوة في ‏الفراغ، بل يجب أن يؤدي إلى وقف الانهيار”.‏

‏ ‏‏”حزب الله”‏

‏ ‏والى ذلك، قال نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم ‏أمس خلال لقاءٍ في تجمع العلماء المسلمين” لمناسبة عيد ‏المقاومة ‏والتحرير “انّ الطريق الحصري لبداية الإنقاذ هو تشكيل الحكومة،‏ ولا ‏يمكن تشكيلها من دون تنازلات متبادلة نعتقد أنها ممكنة بل واجبة، ‏لمصلحة الوطن”. ‏وأضاف: “منذ زمن بعيد ونحن نؤكد أن مشكلة ‏تأليف الحكومة داخلية بكاملها، وما يعوق تشكيلها حسابات ‏خاصة ‏تتستّر بالعباءة الطائفية على حساب الوطن والمواطنين”.‏

‏ ‏وسأل: أيّهما أفضل: بلد بلا حكومة مع أزمات متراكمة ومستجدة ‏وخطيرة، أم بلد فيه حكومة مع بعض التنازلات ‏التي يمكن تعويضها ‏وترميمها؟”. وقال: “أمامنا فرصة وتحركات الآن، فإذا تم استثمارها ‏لتشكيل الحكومة فسيكتشف الجميع أنهم رابحون. إرحموا من ‏في ‏الأرض يرحمكم من في السماء”.‏

‏ ‏موقف أميركي

‏ ‏في غضون ذلك برز امس موقف اميركي جديد من “حزب الله”، حيث ‏أعلنت مساعدة وزير الدفاع الأميركي دانا سترول “اننا قلقون من نفوذ ‏ونشاط “حزب الله” في لبنان، والذي يعمل من أجل مصالحه الخاصة ‏ولا يكترث بمصالح الشعب اللبناني”، مشيرة إلى “أننا سنزوّد البحرية ‏اللبنانية دعماً عسكرياً للوقوف في وجه التحديات”.‏

‏ ‏ولفتت الى أنّ إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن “تريد الاستثمار في ‏الجيش اللبناني لمواجهة تحديات الإرهاب على الحدود، وفي مقدمتها ‏‏”داعش”.‏

‏ ‏أسوأ أزمة في العالم!‏

‏ ‏على الصعيد الاقتصادي شكّل التقرير الذي أصدره البنك الدولي ‏لتوصيف الأزمة في لبنان، أشبَه بمضبطة اتهام في حق السلطة ‏السياسية المتقاعسة “عن تنفيذ أي سياسة إنقاذية وسط شلل ‏سياسي”، وفق ما ورد فيه.‏

‏ ‏وقد جاء مضمون التقرير صاعقاً لجهة التأكيد انّ “أزمة لبنان ‏الاقتصادية والمالية تُصنّف من بين أشدّ 10 أزمات، وربما من بين ‏الثلاث الأسوأ في العالم، منذ منتصف القرن التاسع عشر”. ووصل ‏هذا التقرير في وضوحه الى حد توجيه اتهام مباشر الى السلطة ‏السياسية بأنها مستفيدة من الانهيار، عندما أشار الى “وجود توافق ‏سياسي حول حماية نظام اقتصادي مفلس، أفاد أعداداً قليلة لفترة ‏طويلة”.‏

‏ ‏وحذّر التقرير من نزاعات وحروب واضطرابات قد يشهدها لبنان على ‏خلفية الانكماش الدراماتيكي في الناتج المحلي الحقيقي، والذي قد ‏يصل الى 9,5 في المئة سنة 2021 الجارية، مؤكداً انّ الانكماش يرتبط ‏في العادة بهذه النسبة المرتفعة من “النزاعات أو الحروب”، محذّراً من ‏‏”نشوب اضطرابات اجتماعية”.‏

‏ ‏المدعوم المسروق

‏ ‏وعلى مستوى الأزمات الحياتية، تتكشّف يوماً يعد يوم الفضائح التي ‏ترافق الدعم العشوائي للسلع، والذي يتّضح انه يفيد التاجر والفاجر ‏والمهرّب في حين يأخذ المواطن المُستهدف بالدعم من الجَمَل أذنه.‏

‏ ‏وفي الارقام التي تصدرها أحياناً بيانات إدارة الجمارك، وفي دراسة ‏مفصّلة لما يجري، يتبيّن حجم الهدر والسرقة في هذا الملف الذي ‏يستخدمه البعض، إمّا لتهريب امواله الى الخارج، وإمّا لتحقيق ارباح ‏غير مشروعة من خلال اعادة التصدير، او بيع المدعوم بسعر غير ‏المدعوم، او اعتماد التهريب وسيلة للاثراء غير المشروع. وهكذا يتّضح ‏ان لبنان كان في عزّ الأزمة في العام 2020 يُصدّر الاغنام الى قطر، ‏والأرز الى سوريا، وسبائك الذهب الى سويسرا. انها المعادلة الغريبة ‏التي سمحت بهدر المليارات من الدولارات بذريعة دعم المواطن، ‏وهي مستمرة في جانب منها، بفضل سياسة الهروب من المسؤولية ‏التي قررت حكومة تصريف الاعمال اعتمادها. ‏

‏ ‏التسديد البدلي

‏ ‏من جهة ثانية صدر عن مجلس شورى الدولة قرار حمل الرقم 213 / ‏‏2021 قضى بوقف تنفيذ التعميم الأساسي الصادر عن حاكم مصرف ‏لبنان في 24/3/2021 تحت الرقم 13318 والمطعون فيه وكلّ ما يتصل ‏به لعدم قانونيته، وإلزام المصارف وقف التسديد البَدلي بالليرة على ‏سعر 3900 للحساب المفتوح بالدولار، وتسديد صاحب الحسابات ‏بعملته الأجنبية.‏

‏ ‏وفي سياق متصل أكّد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، أنّ ‏‏”كلّ المنطق الذي يُطرح ونسمعه الآن، الهادف الى المَسّ بالاحتياط ‏الالزامي مرفوض بشكل قاطع من قبلنا، وسنستمر في تحرُّكنا ‏المعارض له”، معتبراً أنّ “الاحتياط الالزامي هو مال وقف موجود في ‏المصرف المركزي أمانةً ولا يحق لأحد المساس به”. ولفت جعجع، بعد ‏لقائه وفداً من جمعية “صرخة مودعين”، أمس في مقر “القوات” في ‏معراب، الى أنّهم “إذا أرادوا تأمين سلفة للكهرباء فهم دولة وعليهم أن ‏يجدوا طريقة لتأمين هذه السلفة، باعتبار أنّ المواطنين يقومون ‏بتسديد الضرائب المتوجبة عليهم ويقومون بواجباتهم عبر تطبيق ‏القوانين. لذا، ما تبقّى هو من مهمات الدولة التي لا يحق لها أبداً ‏التسلُّل الى جيوب المواطنين عند كل حاجة. وإذا أرادوا تمويل البطاقة ‏التموينية على الدولة أن تجد مصادر لهذا التمويل”.‏

‏ ‏ورأى جعجع أنّ “الفكرة التي طُرحت الأسبوع المنصرم عن توزيع 25 ‏ألف دولار أميركي من المصرف المركزي على كلّ مودع، هي واحدة ‏من الأساليب المعتمدة، بغية المساس بالاحتياط الالزامي”.‏

‏ ‏فهمي والبخاري

وفي أول لقاء يتصل بالمقاطعة السعودية للمنتجات الزراعية اللبنانية ‏إلتقى امس السفير السعودي في لبنان في مقر إقامته في اليرزة ‏وزير الداخلية محمد فهمي. وجرى خلال اللقاء عرض لأبرز المستجدات ‏السياسية الراهنة في لبنان والمنطقة بالإضافة الى الشؤون ذات ‏الاهتمام المشترك.‏

‏ ‏وقالت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية” انّ فهمي استمع باهتمام الى ‏ملاحظات السفير السعودي بعدما قدّم توضيحات دقيقة عن مختلف ‏الخطط الموضوعة لمكافحة التهريب والمصاعب التي تواجه لبنان ‏وبقية الدول الاخرى جرّاء وجود شبكات متعاونة بين دول المنشأ ‏والدول المستهدفة في آن، وهو ربما سيؤدي إلى تقريب موعد فك ‏العقوبات السعودية على تصدير الخضار والفواكه اللبنانية.‏

Leave A Reply