هيام عيد – الديار
قد تكون الهدنة «العفوية» التي فرضت نفسها في عطلة الاسبوع ما بين المعنيين بالأزمة الحكومية، الدلالة الواضحة على أن هامش الخيارات بدأ يضيق لدى كل هذه الأطراف والتي وكما تلاحظ أوساط نيابية سابقة، لم تعد تملك أي أوراق «مخفية» تستطيع من خلالها أن تُحدث تغييراً دراماتيكياً في المشهد العام وليس فقط في مشهد تأليف الحكومة. وفي ضوء الغموض والالتباس اللذين يحيطان بالإشتباك السياسي الذي استقرّ راهناً على تهدئة بعد تصعيد غير مسبوق، تكشف الأوساط أن خطوطاً حمراء قد تمّ تحديدها خلال الأسبوع الماضي، وهي تتصل بكل الطروحات المتعلقة بأي مبادرة في اتجاه حصول استقالات من مجلس النواب، وذلك انطلاقاً من رفض الرئيس نبيه بري بالدرجة الأولى، قبل أي طرف آخر، استهداف المجلس وتعميق الأزمة السياسية وجعل الفراغ يمتدّ من الحكومة إلى البرلمان. ولذا فهو أمام مرحلة جديدة من الضغوط والمحاولات الهادفة إلى العودة إلى نقطة البداية عندما أبدت كل الأطراف موافقتها المبدئية على المبادرة التي ما زالت مستمرة، كما تقول الأوساط المطلعة عن كثب على كل مندرجاتها. وفي هذا المجال تشير إلى أن الفرصة متاحة اليوم أكثر من أي وقت مضى من أجل السير بمبادرة الرئيس بري، خصوصاً بعدما وصل طرفا الخلاف إلى القناعة بأن التكليف ما زال قائماً رغم كل ما حصل من حملات ومحاولات وتلويح بالإستقالة حتى من قبل الرئيس المكلف سعد الحريري. ومن هنا أتى قرار رئيس المجلس بتمديد المهلة الزمنية لمبادرته والتريث في الحديث عن سقوطها بفعل تبادل الإتهامات بين فريقي التأليف.
لكن هذا المشهد لا يعني بالضرورة أن «الرؤوس الحامية قد بردت»، بحسب الأوساط الوزارية السابقة، حيث أن الراعي الاساسي لهذه المبادرة وهو «حزب الله» كما المشارك بفاعلية فيها أي رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، يعتبران أن الفرصة سانحة وخصوصاً على المستوى الداخلي على الأقل من أجل إنجاز الملف الحكومي، ولذلك فإن التوجه الثابت لدى الفريقين وقد أعلنه بالأمس الرئيس بري صراحة، هو وكما تقول الأوساط نفسها، ببذل المزيد من الجهود والعودة مجدداً إلى عقد مشاورات مباشرة مع كل من الرئيس المكلف ومع رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل.
وتضيف الأوساط الوزارية السابقة، أن المرحلة المتمثلة بالأيام القليلة المقبلة، سوف تشهد تزخيماً للجهود وبشكل خاص من قبل «الوسطاء» على محوري قصر بعبدا وبيت الوسط، على أن يسير هذا الأمر بالتوازي مع الحلول المطروحة بالنسبة للأزمة المالية لجهة تأمين عملية استمرار الدعم للسلع الأساسية كالدواء والمحروقات. ومن هنا وبصرف النظر عن كل السجالات الأخيرة فإن الأوساط نفسها، تجزم بأن الفرصة الأخيرة لم تُستنفد بعد، وبأن ما من طرف معني فيها قادر على إقفال الباب أمامها، وبأن الظروف الإستثنائية التي يعيشها اللبنانيون تبيح اللجوء إلى إجراءات تتلاءم مع عناوين المرحلة وهي الإنقاذ، ولكنها لم تكشف عن طبيعة ونوع هذه الإجراءات والتي لم يحن أوانها بعد.