الجمعة, نوفمبر 22
Banner

برّي مكرراً: المشكلة داخلية. ونصرالله: ‏سنستورد الفيول الإيراني.. وليمنعونا

لم يسجّل أمس أي تطور ملموس على جبهة التأليف الحكومي، وظل ‏الغموض يلف المساعي الجارية لاستيلاد الحكومة تأسيساً على ‏مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، فيما يستمر الانهيار في الاوضاع ‏الاقتصادية والمالية والمعيشية على وقع عودة سعر الدولار الى ‏الارتفاع أمس متخطياً عتبة الـ14 الف ليرة، بينما يتصرف المسؤولون ‏ومعهم المعنيين بتأليف الحكومة كالنعامة التي تدفن رأسها في ‏الرمال غير غابئين بمعاناة اللبنانيين اليومية ولا بالخطر الكبير الذي ‏يهدد البلاد بالزوال.‏

خرج زوّار مرجع كبير أمس بانطباعات قاتمة ومتشائمة حول احتمال ‏تشكيل الحكومة قريباً، مشيرين الى انّ هذا المرجع لمّح الى ان ليس ‏هناك من جديد نوعي في هذا الشأن، مع تأكيده انّ المساعي ‏ستستمر لحلحلة العقد لأن لا خيار سوى تكرار المحاولات.‏

واشار هؤلاء الى انّ رئيس مجلس النواب نبيه بري و”حزب الله” بذلا، ‏ولا يزالان، اقصى الجهود الممكنة لدى طرفي النزاع الحكومي لدفعهما ‏الى تبادل التنازلات والالتقاء في الوسط، إنما لا نتيجة حاسمة حتى ‏الآن، وهما مصممان على متابعة هذا المسعى الذي يرجّح انه قاد ‏الخليلين والحاج وفيق صفا الى لقاء جديد مع رئيس “التيار الوطني ‏الحر النائب” جبران باسيل.‏

وانطلاقاً من هذه الوقائع، تبدي اوساط اقتصادية تخوفها مما سيؤول ‏اليه الوضع الاقتصادي والواقع الاجتماعي قريباً مع فرض ترشيد او ‏رفع الدعم كأمر واقع من دون أن تكون البدائل جاهزة. واعربت هذه ‏الاوساط عن قلقها من تداعيات تعميم مصرف لبنان الاخير (المتعلق ‏بتسديد دفعات للمودعين بالليرة وفق سعر المنصة) على سقف ‏الدولار.‏

لقاء البياضة

وفي مستجدات ملف التأليف الحكومي وفي موازاة المواقف التي ‏اطلقها كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري والامين العام لـ”حزب ‏الله” السيد حسن نصرالله، علمت “الجمهورية” انّ اجتماعاً ثانياً عقد ‏مساء امس بين معاونيهما السياسيين النائب علي حسن خليل والحاج ‏حسن خليل وبين رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في منزل ‏الاخير في البياضة واستمر حتى ساعة متأخرة من الليل، تم خلاله ‏استكمال البحث في النقاط العالقة ولا سيما منها التفاوض حول ‏مرجعية تسمية الوزيرين المسيحيين في حكومة الـ24 وزيراً ‏المطروحة.‏

وقالت مصادر عاملة على ملف التأليف الحكومي لـ”الجمهورية” ان ‏طلب باسيل أن لا يسمّي هو ولا الحريري هذين الوزيرين المسيحيين ‏رفضه الرئيس المكلّف واعتبره اعتداء فاقعاً على صلاحياته، لأنه هو ‏من يؤلف الحكومة وهو يقترح الاسماء ويحق لرئيس الجمهورية ‏قبولها او رفضها كونه شريكاً في عملية التأليف، أما ان يُملى عليه ‏ماذا يفعل ويُمنع من تسمية هذا او ذاك فهذا الامر مرفوض ولا يمكن ‏تكريسه في عمليات التأليف.‏

وعن منح الثقة من عدمها للحكومة في مجلس النواب، قالت المصادر ‏نفسها انّ هذه النقطة لا تزال عالقة ولكن متى تحلحلت في موضوع ‏تسمية الويزيرين المسيحيين يمكن ان يشملها الحل.‏

وفي الوقت الذي احتفظت اوساط “بيت الوسط” بكثير من الصمت ‏تجاه ما يحصل، قالت لـ”الجمهورية” انّ الحريري ابلغ الى بري في آخر ‏لقاء جمعه بموفده علي حسن خليل قبل نهاية عطلة الاسبوع الماضي ‏بموقفه النهائي بما هو مطروح، وهو ينتظر ردة فعل باسيل من ‏الصيغة النهائية التي بقيت ملكاً للرئيس بري وموفديه.‏

وعليه، اكتسب الاجتماع الذي جمع الخليلين ووفيق صفا ليل امس ‏بُعداً مهماً سواء ان تبلّغ الخليلان موقف باسيل مما هو مطروح قبولاً ‏أو رفضاً.‏

وفي بعبدا ساد صمت واكتفت مصادرمطلعة على اجوائها ‏لـ”الجمهورية” بالقول انها تنتظر نتائج المساعي المبذولة على أكثر ‏من مستوى، وخصوصاً بين باسيل وموفدي بري و”حزب الله”.‏

بري

وكان نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي نقل عن بري ‏قوله أمس انه “من المفترض ان يكون هذا الاسبوع حاسماً لأن لبنان ‏لم يعد في إمكانه التحمّل، وان نظرة واحدة الى الشارع والى العائلات ‏والخدمات تعطينا العبَر”، مشيراً الى انّ “هناك اتصالات حثيثة تجري ‏لتذليل العقبة او العقبتين المتبقيتين وليس أكثر”.‏

وكرّر بري التأكيد “أنّ مشكلة لبنان داخلية مئة في المئة، وأكثر من ‏ذلك يؤسفني القول انّ الجو الدولي والعربي والعالم كله رحيم بلبنان ‏اكثر من اللبنانيين انفسهم، فإذا لم تقدم المساعدة لنفسك لا ‏تستطيع ان تطلب المساعدة من الغير، وأكبر دليل المسعى ‏الفرنسي”.‏

نصرالله

وفي غضون ذلك اطلّ السيد نصرالله عبر شاشة قناة “المنار” في ‏الذكرى الـ30 لتأسيسها، وبدا في صحة جيدة داحضاً كل ما أشيع حول ‏تدهور في صحته إثر الوعكة الصحية التي بَدت عليه في اطلالته ‏لمناسبة عيد المقاومة والتحرير في 25 ايار المنصرم.‏

وأشار نصرالله إلى “مواصلة السعي لتأليف الحكومة وعدم اليأس”، ‏مشدداً على “مساعدة رئيس مجلس النواب نبيه بري في مبادرته”. ‏ودعا المعنيين بتأليف الحكومة الى أن “يسمعوا أوجاع الناس ‏ويشاهدوا القلق في عيونهم، وأن يضعوا المشهد الإنساني أولاً قبل ‏اعتباراتهم”.‏

وأوضح أنّ “تراكم الأزمات أوصَل البلد إلى ما نحن عليه اليوم”، مشيراً ‏إلى أنّ “اتهام “حزب الله” بأنه سبب الأزمة وتجاهل الأسباب الحقيقية ‏هو خطاب أميركي واسرائيلي”.‏

ووصف الأداء الرسمي الحالي بالضعيف، وشدد على “وجوب ‏معالجته لا سيما أنّ أزمة الحكومة طالت وقد تطول أكثر”.‏

وعن الانتخابات النيابية قال نصرالله: “لم يخطر في بالنا تأجيل ‏الانتخابات النيابية ولم نناقش هذا الأمر مع أحد من حلفائنا. ما زلنا ‏ضد الانتخابات النيابية المبكرة واللجوء إليها مضيعة للوقت فماذا ‏سيتغير في المشهد السياسي؟ وهي إلهاء للناس عن الاستحقاقات ‏التي تشغلهم ليلاً ونهاراً، وبدل أن تتحدث القوى السياسية عن إجراء ‏انتخابات نيابية مبكرة فلتتفضّل وتشكل حكومة، الذين يقررون مقاطعة ‏الحكومة وعدم المشاركة فيها بدل أن يتحدثوا عن انتخابات نيابية ‏مبكرة فليتفضلوا ويتحمّلوا المسؤولية ويشاركوا في الحكومة”.‏

واشار نصرالله الى انّ “الأداء الرسمي ضعيف في كل الملفات ما يزيد ‏من المعاناة، وعلى الحكومة ان تتحمل المسؤولية”. ولفت الى انّ ‏‏”المحتكرين يسرحون ويمرحون وهم معروفون ويحظون بالتغطية ‏السياسية وهم محميّون من القوى السياسية ومرجعيات دينية طائفية ‏ومن جهات في الدولة”. وشدد على انه “على الحكومة الحالية ‏والوزارات المعنية ان تعلن الحرب على الاحتكار والمحتكرين وهذا جزء ‏من المعالجة”. وقال: “إذا بقيت الدولة على تقاعسها سنذهب الى ‏ايران ونتفاوض ونشتري بواخر بنزين ومازوت ونأتي بها الى ميناء ‏بيروت، وليتفضّل أي أحد على مَنعنا من إدخال تلك المواد”. وأشار ‏إلى أن “إيران مستعدة لتسليم لبنان المازوت والبنزين وبالليرة ‏اللبنانية (…) فليوافق لبنان على مساعدة إيران وستَرون بواخر ‏المحروقات انطلقت إلينا”.‏

‏”لبنان القوي”‏

من جهته تكتل “لبنان القوي” قال، إثر اجتماعه الدوري إلكترونياً أمس ‏برئاسة باسيل، انّ “اللبنانيين ما زالوا ينتظرون نتائج ايجابية لمسعى ‏رئيس مجلس النواب وتجاوب الرئيس المكلّف معه”. ورأى أن “على ‏رئيس الحكومة المكلّف حسم قراره بالتأليف أو عدمه، وعلى جميع ‏المعنيين تحمّل مسؤولياتهم لناحية إظهار الحقائق دفعاً للتأليف لأنّ ‏التغاضي عنها او تحويرها يسمح بمزيد من اضاعة الوقت الثمين”. واذ ‏اعتبر انّ “المعالجات الجزئية لأزمة دعم المواد الأساسية غير كافية”، ‏طالبَ مجلس النواب بأن “يتحمّل مسؤولياته بالبَت سريعاً بالبطاقة ‏التمويلية وترشيد الدعم، بما يحلّ مشكلات الكهرباء والدواء والمواد ‏الغذائية والمشتقات النفطية. وأيّ تقصير يؤدي الى اضطرابات ‏اجتماعية، ستقع حتماً، يتحمّل مسؤوليته المتقاعسون”.‏

وثَمّن التكتل “إقرار اقتراح قانون الكابيتال كونترول في لجنة المال ‏والموازنة”، وطالب “مصرف لبنان بإحالة المعطيات المالية والأرقام ‏المطلوبة للبت بالبنود المالية في اقرب وقت في الهيئة العامة”.‏

حزب الكتائب

وبدوره، توقف المكتب السياسي الكتائبي، خلال اجتماعه أمس برئاسة ‏رئيس الحزب سامي الجميّل، عند ما سمّاه “البهلوانيات والمناورات ‏المالية التي تمارس”، مؤكداً انها ” لم تعد تقنع احداً، فالكابيتال ‏كونترول صدر بتأخير 19 شهراً لقوننة اموال مهرّبة أصلاً، يقابله تدبير ‏آخر مقنّع من إنتاج مصرف لبنان حول اللبنانيين كرة يتمّ تقاذفها فيما ‏المشكلة الحقيقية تكمن في فقدان الثقة الداخلية والخارجية بالحكام ‏ومن يقف وراءهم”. واكد انّ “البلاد لا يمكن ان تبقى رهينة فريقين ‏يتنازعان على السلطة ويدوران بالبلد في حلقة مفرغة من المطالب ‏والمطالب المضادة تحت ستار حقوق الطوائف ودستورية المواقع”. ‏ولاحظ انّ “المشهد اللبناني الذي يزداد قتامة لن يتغير الّا برحيل هذه ‏المنظومة عبر الانتخابات التي اقترب موعدها”.‏

تسديد الودائع

مالياً، وبعد تأخير 24 ساعة عن الموعد المحدّد، صدر التعميم المتعلق ‏بالتسديد التدريجي للودائع بالعملات الاجنبية، وفق التسمية التي ‏أطلقها مصرف لبنان عليه. وسيبدأ العمل بهذا التعميم بدءاً من نهاية ‏حزيران الجاري.‏

لم يتضمن نصّ التعميم أي عناصر جديدة عن تلك التي سبق وأعلنت. ‏وهو في عنوانه العريض ينصّ على تحديد مبلغ 50 الف دولار ‏مخصّصة للإعادة الى اصحابها، على ان تُقسم الى قسمين 25 الف ‏دولار نقداً، و25 ألف دولار بالليرة على سعر المنصة (12 الف ليرة ‏للدولار).‏

واللافت في التفاصيل انّ هذا المبلغ مقسّم على 5 سنوات، وهو ‏بالهيكلية والتسمية لا يمكن اعتباره رديفاً لقانون “الكابيتال كونترول”، ‏اذ انّ القانون يحدد سقوفاً للسحب لجميع المودعين ولا يشترط فترة ‏زمنية محددة لفتح الحساب، او طريقة تحريك الاموال فيه. وبالتالي، ‏يبقى السؤال هل سيصدر لاحقاً قانون الكابيتال كونترول؟ وهل سيتم ‏العمل بالقانون والتعميم معاً، في اعتبار انّ التوصيف الوظيفي لكل ‏منهما يختلف عن الآخر؟ واذا كان ذلك غير ممكن، وصدور القانون ‏سيُلغي مفاعيل التعميم، من حق المواطن ان يسأل عن جدوى صدور ‏التعميم بعد إنجاز الصيغة النهائية لاقتراح قانون الكابيتال كونترول ‏وإحالته الى اللجان؟

هذه الالغاز لا تعكس سوى حال التخبّط التي تسود في كل مراكز ‏القرار، بحيث يبدو المشهد وكأنّ كل مؤسسة تعمل منفردة وبمعزل ‏عمّا تنجزه المؤسسة الاخرى، على رغم علمهما المسبق بعُقم العمل ‏وفق هذا الاسلوب.‏

الجمهورية

Leave A Reply