غسان ريفي – سفير الشمال
تعطي إجتماعات المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل، والمعاون السياسي للسيد حسن نصرالله حسين الخليل والحاج وفيق صفا، مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل تارة في القصر الجمهوري، وتارة أخرى في دارته في البياضة، والتسربيات التي تنتج عنها، مؤشرات واضحة الى أن مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومة تتحملها جهة واحدة هي ″فريق العهد″ الذي ينطق باسيل بإسمه ويفاوض عنه ويعمل على إبتزاز الحلفاء قبل الخصوم من أجل الوصول الى أهدافه سعيا وراء تحقيق طموحات ومكاسب سياسية لم تعد خافية على أحد.
يقول المنطق السياسي وكذلك الدستوري، إن الحكومة عندما تتشكل تعقد إجتماعا أوليا برئاسة رئيس الجمهورية وحضور رئيس الحكومة والوزراء، حيث يتم التعارف وتشكيل لجنة مصغرة لصياغة البيان الوزاري الذي فور إنجازه يحدد رئيس مجلس النواب جلسة نيابية لمناقشته ليصار الى منح الحكومة الثقة على أساسه، خصوصا أنه يرسم الخطوط العريضة لاستراتيجية عمل الحكومة.
اللافت أن جبران باسيل إستبق التأليف والاجتماع وتشكيل لجنة الصياغة والجلسة النيابية لمناقشة البيان الوزراي وقرر عدم منح الثقة للحكومة، ضاربا بعرض الحائط كل الأصول والأعراف المتبعة في هذا الاطار، وموجها إساءة الى رئيسيّ الجمهورية والحكومة على حد سواء لكون إقرار البيان الوزاري في الحكومة يكون بمباركة رئيس الجمهورية الذي يترأس الجلسة.
يبدو واضحا أن باسيل يعتمد “النكد” السياسي للعرقلة والتعطيل، وهو يستغل هيمنته على رئيس الجمهورية ومصادرته لتوقيعه على مراسيم الحكومة، لتصفية ما لديه من حسابات مع الرئيس المكلف سعد الحريري ومع تيارات سياسية أخرى، وذلك الى حين حصوله على ما يطلبه من مكاسب، وهي:
أولا: الثلث المعطل الذي يريد من خلاله التحكم بقرارات الحكومة ومصيرها.
ثانيا: إفتعال أزمة تسمية الوزيرين المسيحيين لاستهداف الرئيس المكلف وعبره إتفاق الطائف الذي ينظم آلية تأليف الحكومة، حيث يُنقل عن باسيل بأنه يقبل بأن تقوم أي جهة بتسمية الوزيرين المسيحيين بمن في ذلك الثنائي الشيعي، لكن باستثناء الرئيس سعد الحريري، ما يشير الى أن الأمور تجاوزت السياسية والدستور والمنطق الى الحقد الشخصي.
ثالثا: رفض باسيل إعطاء أي حقيبة وازنة الى أي تيار سياسي مسيحي خشية أن ينجح فيها ويتقدم على التيار الوطني الحر وعليه شخصيا، حيث تشير المعلومات الى أن باسيل أعرب للخليلين عن إستعداده للتخلي عن وزارة الطاقة شرط ألا تُعطى الى تيار المردة.
رابعا: محاولة باسيل قطع طريق رئاسة الجمهورية على كل المنافسين، بالتحضير لتمديد مقنع لرئيس الجمهورية ميشال عون بإقالة الحكومة بالثلث المعطل قبل إنتهاء ولايته، ما يمكنه من الاستمرار في آداء مهامه، فيما يمنح باسيل الفرصة لتحضير الأرضية لخلافته خصوصا أنه في حينها سيمارس دور رئيس الجمهورية الفعلي.
تشير المعطيات الى أن باسيل يحاول أن يفرض نفسه وصيا على تأليف الحكومة وعلى مكوناتها، حيث يعمل خلال إجتماعاته مع الخليلين وصفا على رسم معالمها بتوزيع الحقائب على تيارات سياسية وحجبها عن آخرى، مصادرا بذلك دور رئيس الجمهورية الذي ينشغل باستقبال نواب ومقربين من فريقه وتياره للتأكيد على أنه غير معزول سياسيا، في وقت تؤدي فيه ممارسات باسيل سواء عن قصد أو عن غير قصد الى إضعاف رئاسة الجمهورية، إضافة الى إضعاف مناعة البلد الذي يتجه بخطى سريعة نحو الانهيار الشامل والكامل ونحو ما يمكن أن يتسبب به من فقر وبطالة وجوع وإنقطاع محروقات والموت على أبواب الصيدليات والمستشفيات بسبب نقص الأدوية وفقدان المعدات الطبية، وبالتالي فإن الامعان في تعطيل تشكيل الحكومة يرقى الى مستوى الجريمة الموصوفة بالخيانة العظمى وبقتل شعب بأكمله، وهذا ما ألمح إليه السيد حسن نصرالله في كلمته في الذكرى الثلاثين لانطلاقة قناة المنار والتي تضمنت رسائل سياسية من العيار الثقيل.