نون – اللواء
كل المؤشرات توحي بأن مسار الإنهيارات مستمر، وبأشكال أشد قسوة، طالما أن أهل السلطة ما زالوا يطاردون أشباح الحكومة الجديدة، وفي ظل غياب أية خطوات جدية للتخفيف من معاناة الناس، وحالات القهر والإذلال التي يعيشونها على الطرقات للحصول على بضعة ليترات من البنزين.
المفارقة الوطنية التي تستحق الوقوف عندها، ظهرت بوضوح في الأيام الأولى لموسم السياحة والإصطياف، حيث سجّل المغتربون اللبنانيون ارقاما قياسية في الإقبال على قضاء عطلاتهم في لبنان، رغم علمهم المسبق بتفاقم أزمة البنزين، وأن العتمة قد تُداهم المدن والقرى، ومختلف المناطق السياحية في أية لحظة، بسبب سياسات وزارة الطاقة الخرقاء، وعجز الدولة عن الإستمرار في تغطية عجز مؤسسة كهرباء لبنان الذي تجاوز الأربعين مليار دولار، والحبل ع الجرار.
أرقام القادمين اللبنانيين كان من الممكن أن تُقابلها أرقام مماثلة من بلدان عربية أخرى، مثل مصر والعراق والأردن، لو أحسنت الدولة إدارة أزمتي الكهرباء والمحروقات، واستثمرت في تأمين الإعتمادات اللازمة في هذين القطاعين الحيويين، المساعديْن في إنعاش القطاعين السياحي والتجاري، وساهما في دخول ملايين الدولارات النقدية للبلد، وهو ما يُعتبر أن لبنان بأمس الحاجة إليه، في هذه المرحلة بالذات.
ولكن فشل الدولة وإرباكاتها المستمرة، لم يقتصرا على هذين القطاعين فقط، بل شمل مختلف النشاطات الإقتصادية الأخرى، بما فيها القطاع المصرفي والنقدي، حيث رفض أمس صندوق النقد الدولي قانون الكابيتال كونترول، كما أقره مجلس النواب، والتعميم الأخير لمصرف لبنان حول إجراءات إعادة أموال المودعين، واعتبرهما قاصرين عن معالجة الإستفحال المتزايد للأزمة المالية الخطيرة التي يتخبط فيها لبنان منذ أكثر من عام.
وهذا يعني أن البلد ينتقل من جهنم إلى أخرى، في ظل هذه الدولة الفاشلة، وبإدارة هذا العهد الذي خسر كل عناصر قوته!