بعدما استطاعت المقاومة، في أوّل اختبار للمعادلة التي أفرزتها معركة «سيف القدس»، إجبار العدو على احترام خطوطها الحمراء، ينصبّ تركيزها الآن على تصعيد الضغوط الهادفة إلى كسر القيود المفروضة على قطاع غزة منذ انتهاء المعركة، خصوصاً في ظلّ تواصل الوساطة المصرية التي يُتوقّع إعادة تزخيمها الأسبوع المقبل. بالتوازي مع ذلك، تستمرّ حالة التمرّد في الضفة الغربية على رغم انقضاء الجولة القتالية الأخيرة، منبئةً بأن السبحة التي كرّت هناك ضدّ العدو لن يكون من السهل إيقافها
غزة | توازياً واستمرارَ الاتصالات التي يجريها الوسيط المصري مع حركة «حماس» لضمان استمرار حالة التهدئة في قطاع غزة، تواصلت عمليات الضغط الميداني على طول الحدود بين القطاع ودولة الاحتلال، والهادفة إلى كسر الأمر الواقع الذي يريد العدو تكريسه في غزة، بعد معركة «سيف القدس». وعلمت «الأخبار»، من مصادر فلسطينية، أن فصائل المقاومة اتّخذت قراراً بتكثيف الضغط الميداني على العدو، عشيّة انطلاق مباحثات جديدة في القاهرة الأسبوع المقبل، يُفترض أن تبحث آفاق التهدئة في أعقاب تشكُّل الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة نفتالي بينت. ولفتت المصادر إلى أنه بعد قصف الاحتلال لعدد من مواقع المقاومة بذريعة إطلاق البالونات المتفجّرة، تمّ إبلاغ الوسيط المصري بأن تكرار هذه الردود سيُعتبر بمثابة كسرٍ لقواعد الاشتباك القائمة، وسيؤدي بالتالي إلى رفع حدّة التصعيد. كما أُبلغ المصريون بأن الضغط الشعبي سيتواصل، وسيزداد مع مرور الوقت، إلى أن يتراجع العدو عن خطواته، وتحديداً في ما يتصل بإغلاق بحر غزة ومعابره، ومنع إدخال المنحة القطرية، وعرقلة عملية إعادة الإعمار.
وفي الإطار نفسه، نقل الوسيط المصري إلى الفصائل أن وفداً إسرائيلياً من المتوقَّع أن يصل إلى القاهرة الأسبوع المقبل، لبحث الوضع في قطاع غزة، وذلك نزولاً عند طلب مصر، التي تنظر في احتمالية التصعيد في القطاع خلال الأسابيع المقبلة، خصوصاً بعدما جمّدت الحكومة الإسرائيلية السابقة هذا الملفّ بذريعة التغيّرات السياسية التي تمرّ بها دولة الاحتلال. من جهته، حذّر الأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي»، زياد النخالة، من محاولة احتواء انتصار المقاومة، مؤكداً، في تصريحات صحافية، مساء أمس، أن «المقاومة بات لديها من التجربة ما يكفي، ونحن يقظون لكلّ محاولات إجهاض ما تمّ إنجازه»، مضيفاً: «أَنجز الشعب الفلسطيني محطّة كبيرة في معركة سيف القدس في اتجاه الانتصار، فالمسيرة طويلة ومحاولات إجهاض القضية كبيرة».
نقل الوسيط المصري إلى الفصائل أن وفداً إسرائيلياً من المتوقَّع أن يصل إلى القاهرة الأسبوع المقبل
ميدانياً، ولليوم الثاني على التوالي، تحدّت الوحدات الشعبية للمقاومة في قطاع غزة، الاحتلال، وواصلت عمليات إطلاق البالونات الحارقة والمتفجّرة في اتجاه مستوطنات غلاف القطاع. وفيما أعلنت سلطات العدو أن عدداً من الحرائق اندلعت في أحراش مستوطنات المجلس الإقليمي «إشكول» الواقعة في محاذاة غزة، تمّ الدفع بمزيد من فرق الإطفاء إلى المنطقة، حيث عملت على إخماد النيران من دون الإبلاغ عن وقوع إصابات. وجاءت هذه التطوّرات غداة قصف جيش الاحتلال مواقع لفصائل المقاومة في القطاع، بحجّة الردّ على إطلاق البالونات. في موازاة ذلك، أفادت مصادر ميدانية فلسطينية بأن 6 جرّافات عسكرية للاحتلال ودبّابتين من نوع «ميركافا» توغّلت، صباح أمس، عدّة أمتار قرب السياج الحدودي في منطقة بوابة موقع «صوفا»، شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وشرعت في أعمال تجريف سريعة قرب السلك الفاصل، قبل أن تنسحب إلى داخل الأراضي المحتلة.
سياسياً، وفي رسالة مبطنة من قِبَل العدو إلى المقاومة، قال مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينت، إن الأخير عقد، أول من أمس، لقاءَ عمل مع رئيس الأركان، أفيف كوخافي، بحثا في خلاله الأوضاع العملياتية والتحدّيات الأمنية القائمة، كما ناقشا استخلاص العِبر من عملية «حارس الأسوار» وأهمية تطبيق خطة «تنوفا». وأبلغ رئيس الحكومة، رئيس الأركان، بطرح قرار تمديد ولايته لعامٍ رابع بناءً على توصية وزير الجيش. في هذا الوقت، كشف المسؤول السابق في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي، «الشاباك»، عادي كرمي، أن الجناح العسكري لحركة «حماس» يخطِّط مستقبلاً لاقتحام مستوطنات في غلاف قطاع غزة واحتجاز رهائن، داعياً إلى «تعميق قوّة الردع ضدّ حماس» عبر تشديد الخناق على القطاع مع كلّ هجوم ينطلق منه، معتبراً أن العدوان الأخير لا يكفي، وأن الواقع يتحدّث عن ذلك.
المصدر: الأخبار