دوللي بشعلاني – الديار
لا يُنبىء ما يحصل أمام محطّات الوقود من مشاحنات بين المواطنين، وصل بعضها الى حدّ استخدام السلاح المتفلّت إن في الجنوب أو في طرابلس وسواها من المناطق، سوى بالمزيد من التفلّت في الأمن الإجتماعي. يُضاف إليه الإرتفاع الكبير في معدّلات جرائم السرقة والنشل والقتل في البلاد، وصل الى نسبة غير مسبوقة تخطّت الـ 250 في المئة. فهل من حلول لهذا الوضع المُقلق الذي بات يُهدّد حياة اللبنانيين، الى جانب معاناتهم من الأزمة الإقتصادية والمالية المستفحلة والتي يؤمل أن يُخفّف تعميم مصرف لبنان رقم 158 الصادر في الثامن من حزيران الجاري بعضاً منها، سيما وأنّه يسمح لكلّ مودع بالدولار في المصارف اللبنانية الإستفادة منه إبتداء من تمّوز المقبل، وذلك عن طريق سحب 400 دولار نقداً (فريش ماني) و400 دولار بالليرة اللبنانية (أي بالدولار) وفق سعر منصّة صيرفة أي 12000 ل.ل.؟!
مصادر سياسية عليمة حذّرت من تبعات تدهور الأمن الإجتماعي على الوضع العام في البلاد، لأنّ من شأن ذلك أن يتسبّب بزعزعة الإستقرار الداخلي الذي لا يزال الشعب اللبناني يتمسّك به كسلّم النجاة للخروج من الأزمة الإقتصادية والمالية والمعيشية الصعبة. وقالت بأنّ البطاقة التمويلية التي تهدف الى إنقاذ الشعب اللبناني في جزء من أزمته لم تقرّ بعد في مجلس النوّاب، وتتواصل الجلسات اليوم وربما حتى الأسبوع المقبل بحثاً عن مصادر التمويل لها، مشيرة الى أنّ رفع الدعم عن المحروقات لن يحصل قبل إقرار البطاقة التمويلية بل سيتزامن معه. ولهذا لا خوف من ارتفاع سعر صحيفة البنزين بشكل كبير قبل بدء حصول اللبنانيين على هذه البطاقة.
وتقول المصادر بأنّ حكومة الرئيس حسّان دياب، وإن كانت مستقيلة وتصرّف الأعمال، والتي لم تشأ أن تتحمّل مسؤولية رفع الدعم والإرتفاع الجنوني للأسعار، ولهذا لا تقوم بعقد أي جلسات لها، رغم أنّ تصريف الأعمال يتيح لها هذا الأمر عند الضرورة ولمنع وقوع أي ضرر على اللبنانيين، بحسب ما ينصّ عليه الدستور، عليها اليوم أن تعمل على منع تدهور الأمن الإجتماعي الذي يحصل في المناطق اللبنانية كافة، أو على الأقلّ تحدّ من انتشاره لكي لا يتزايد أكثر فأكثر. فالقوى السياسية لا تزال تتناحر فيما بينها، ولا يبدو أنّ أي حكومة ستُشكّل قريباً أو في الأشهر المقبلة، لهذا على حكومة دياب تحمّل المسؤولية خلال المرحلة المقبلة وعدم ترك الأمن الداخلي يفلت من يدها.
وأكّدت المصدر نفسها، بأنّه بعد الدعم الذي حصلت عليه المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية أخيراً من المؤتمر الدولي الذي استضافته باريس إلكترونياً لدعم الجيش اللبناني وشاركت فيه 20 دولة وهيئة، من شأنه أن يُنعش عمل العسكريين الذين كانوا مثلهم مثل المواطنين اللبنانيين يُعانون من انهيار القيمة الشرائية للعملة اللبنانية وعدم كفاية رواتبهم، ومن صعوبة التنقّل من أماكن سكنهم الى مراكز عملهم بفعل فقدان المحروقات أو الإنتظار طويلاً أمام محطّات الوقود لتعبئة البنزين بشكل محدود وسوى ذلك.
فعدم شعور اللبنانيين اليوم بالأمان والإستقرار بفضل ما يسمع عنه من ارتفاع نسبة السرقات والحوادث والإشكالات بين المواطنين أو بينهم وبين النازحين السوريين، ينعدم عند رؤية الأجهزة الأمنية منتشرة في سائر المناطق لحماية الأمن فيها، على ما أوضحت المصادر، وهذا ما سيحصل قريباً فور حصول المؤسسة العسكرية على المساعدات العينية الطارئة التي وُعدت بها خلال مؤتمر باريس الأخير. علماً بأنّ المعلومات قد أفادت أنّ المؤسسة العسكرية لم تحصل على أي منها حتى الآن، ولكن يؤمل أن تبدأ باستلامها من الدول التي قدّمتها بشكل ثنائي، على أن تتولّى التنسيق بين لبنان وهذه الدول هيئة لبنانية – أممية.
ولأنّ استمرار الأزمة في مختلف القطاعات من شأنه أن يُفاقم خطر تدهور الأمن الداخلي، تجد المصادر الأوساط عينها، بأنّ بعض التشريعات المتخذة في مجلس النوّاب، قد تؤدّي الى تهدئة الوضع الى حين تمكّن الأجهزة الأمنية من السيطرة الشاملة، ومنع حصول أي تفلّت أمني مخيف، لا سيما البطاقة التمويلية التي ستقرّ فور تأمين مصادر تمويلها. فضلاً عن تعميم مصرف لبنان رقم 158 الذي من شأنه أن يُحرّر حسابات 760 ألف مودع من أصل مليون و200 ألف حساب خلال سنة من بدء تنفيذه في 1 تمّوز المقبل. فأصحاب الحسابات الصغيرة والمتواضعة سيحصلون على ودائعهم ما يجعلهم يحلّون بعض المشاكل التي يُواجهونها حالياً.
وطمأنت المصادر بأنّه يُمكن تمرير الأشهر الثلاثة المقبلة من خلال هذه الإجراءات التي يجب أن تُنفّذ الى حين حصول المتغيّرات الفعلية التي ستطرأ في المنطقة لا سيما مع التقارب السعودي- الإيراني الذي من شأنه أن ينعكس بشكل مباشر على الوضع الداخلي في لبنان. فهذا التقارب سيفرض على القوى السياسية الحليفة لهاتين الدولتين، تطبيق سياسة «لا غالب ولا مغلوب»، وإن كان هناك طرف منتصر وآخر خاسر خلال السنوات الماضية. وعلى أساسه، ستحصل تسوية إقليمية، الى جانب التسوية الدولية التي تكون قد نضجت بين الولايات المتحدة وإيران أيضاً، تؤدّي الى التوافق ربما على إسم جديد لترؤس الحكومة الجديدة غير الرئيس المكلّف سعد الحريري. فقد تكون ظروف الحريري غير مؤاتية حالياً لعودته الى السراي الحكومي، غير أنّ هذا الأمر يتوقّف على ما سينشأ من التسوية الإقليمية.
وأكّدت الأوساط نفسها أنّه بعد هذه التسوية المنتظرة، سيتمّ تشكيل حكومة جديدة في أواخر أيلول أو في أوائل تشرين الأول المقبلين تضع أسس خطّة إنقاذية للأزمة الإقتصادية والمالية والمعيشية وتُطبّق ما يُمكنها منها، على أن تواكب الإنتخابات النيابية في موعدها، والتي قد تحصل في آذار وليس في أيّار من العام المقبل (2022). وعندها، سيكون أمام الشعب اللبناني أن يقول كلمته في صناديق الإقتراع، وإذا ما كان يريد إعادة الطبقة السياسية نفسها، أو أنّه سيُحدث التغيير المطلوب عن طريق التصويت لوجوه جديدة مستقلّة، سيما وأنّ أحداً لن يستطيع محاكمة الفاسدين أو محاسبتهم سوى عن طريق الإنتخابات النيابية.