وليد حسين – المدن
تضع وزارة التربية في الحسبان إمكانية تأجيل الامتحانات الرسمية المقررة في شهر تموز، “في حال خرب البلد”، أو حصلت ظروف قاهرة يتعذر خلالها إجراء الامتحانات. لكن مشكلة أهالي الطلاب والأساتذة والمواطنين، كما بدا من تعليقاتهم على تقرير “المدن”، أن وزارة التربية تعيش على كوكب آخر، ولا ترى الخراب المعمم، وتعتقد أن الظروف الحالية لا تعني أن البلد في الهاوية، وفي مكان لا يمكن وصفه إلا بالخراب المحقق.
هدر المال على الشهادة
وبعيداً من المزاج العام للأهالي الرافض لفكرة الامتحانات من أساسها، باستثناء أهالي الطلاب الذين تعلم أبناؤهم، وهم أقلية، ما زال السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا ننفق على مطبوعات الامتحانات مليار و350 مليون ليرة، في ظل الخراب القائم، وفي وقت ضرب الجوع بيوت الأساتذة وأهالي الطلاب، كي لا نقول أكثر من سبعين بالمئة من الشعب اللبناني، هذا فيما لم يُرفع الدعم حتى الساعة؟
ستنفق وزارة التربية مليار و350 مليون ليرة على الامتحانات، كما جاء في التعميم الصادر في الجريدة الرسمية “لتأمين المطبوعات لزوم الامتحانات الرسمية للعام 2021”. أكثر من نصف هذا المبلغ سيذهب هدراً على شهادة المتوسطة، كما تقول المصادر، هذا من دون احتساب القرطاسية، التي ستساهم بجزء منها المدارس الخاصة، ومن دون احتساب بدل المراقبة والتصحيح، التي توازي كلفتها كلفة المطبوعات. أي هدر أكثر من مليار ليرة على هذه الشهادة.
قد يكون هذا المبلغ عادياً على سعر الصرف الحالي للدولار بالسوق الموازية، خصوصاً أن القرطاسية والطباعة، كلها بالدولار. لكن ما الفائدة من إنفاق نحو نصف مليون دولار على مطبوعات الشهادة المتوسطة؟
ووفق مصادر تربوية، قيل للوزير أكثر من مرة من بعض المحيطين به: “لا داعي لإجراء الامتحانات يا معالي الوزير”. لكنه بقي على إصراره. قيل له “يا معالي الوزير لنجري امتحانات الشهادة الثانوية وعدم هدر المال على الشهادة المتوسطة”. لكنه بقي على إصراره. ليتبين أن صاحب القرار الفعلي في الوزارة هي مديرة الإرشاد والتوجيه هيلدا خوري، التي أقنعت الوزير أن نسبة حضور الطلاب في صفوف المتوسط تصل إلى تسعين بالمئة. والتي تصر على إجراء امتحانات الشهادة المتوسطة، فقط لأن هناك آراء أخرى في الوزارة نصحت الوزير بعدم إجرائها.
كارثة الامتحانات
فيما تسير الوزارة بخطتها لإجراء الامتحانات، بدأت تظهر كوارث هذا العام الدراسي على المستوى المتدني جداً لغالبية الطلاب. فهم في الحقيقة لم يتعلموا أي شيء طوال العام. ولم يكن الشهر الحضوري الذي تعلموه كافياً، كما كشفت نتائج امتحانات السعي والامتحانات النهائية التي بدأت تظهر تباعاً. لذا، وبعد صدور هذه النتائج، وبسبب تغيب عدد كبير من الطلاب عن امتحانات السعي والامتحانات النهائية، قرر وزير التربية طارق المجذوب إجراء الامتحانات للمتغيبين في الأسبوع الأول من شهر أيلول المقبل. وسمح بما يعرف بالإكمال، الذي تعتمده المدارس الخاصة، وغير مشرّع في التعليم الرسمي.
تعليل القرار
وعلل القرار بأنه لتأمين تعويض نقص اكتساب بعض الكفايات لدى التلامذة خلال العام 2020/2021، بسبب الإقفال والغياب وعدم توفر الوسائل اللازمة خلال التعلم عن بعد، تجرى الامتحانات للتلامذة المتغيبين عن الامتحانات النهائية حضورياً لجميع الصفوف، باستثناء صفوف الشهادات الرسمية، الذين سبق وأصيبوا بفيروس كورونا، أو الذين استدعت حالتهم الصحية عدم اجراء الامتحانات حضورياً في موعدها، أو الذين تغيبوا عن حضور الامتحانات بداعي السفر أو لأي أسباب أخرى مشروعة ، في الأسبوع الاول من شهر أيلول، مع بدء الاعمال التحضيرية للعام 2021/2022.
وقرر اعتبار “التلامذة الراسبين في الامتحانات المدرسية النهائية التي أجريت في حزيران أو في الأسبوع الأول من تموز، في وضع إكمال في المواد التي لم ينجحوا فيها، ويسمح لهم بالمشاركة في الامتحانات التي تجري في الأسبوع الأول من شهر أيلول، عبر إعادة امتحان في المواد التي نالوا فيها معدل يقل عن 10 علامات من أصل 20 علامة”.
هذا القرار بمثابة اعتراف رسمي بفشل هذا العام الدراسي، وبأن الطلاب لم يتعلموا، خصوصاً طلاب الحلقات الأولى والثانية والثالثة، الذين تلقوا دروسهم عبر “واتساب” الأم أو الأب، ولم يروا وجوه أساتذتهم إلا لماماً. فيبقى السؤال المعلق: ما الفائدة من امتحانات الشهادة المتوسطة.