الخميس, نوفمبر 28
Banner

«بطاقة» في مواجهة احتمالات مجاعة!

ذوالفقار قبيسي – اللواء

أكثر من ٥٥% من اللبنانيين في درجة الفقر و٢٨% في درجة الفقر المدقع، والـ «دايلي تلغراف» تتوقع حرفيا: «مجاعة في لبنان في وقت قريب»! والأستاذ المساعد في برنامج الأمن الغذائي في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور مارتن كولرتس يقول ان لبنان يتجه الى تكرار مجاعة ١٩١٥ – ١٩١٨ التي قضى فيها ثلث السكان، فيما السكان الحاليون في لبنان الآن سيكافحون بيأس للوصول الى المنتجات الأساسية للطعام في ظل انتشار البطالة وانخفاض الأجور وتضخم الأسعار الذي يستحيل انخفاضها بسبب اضطرار لبنان الى استيراد ٨٠ من منتجاته الغذائية، وبسبب مضاربات الفساد التي تستغل المزارعين والمستهلكين وتعرقل دور الزراعة في لبنان التي لا تزيد مساهمتها عن ٣% من الناتج الإجمالي، وفي وقت يشير المدير العام المساعد لمنظمة التغذية العالمية (الفاو) الى تقرير أممي يحذر من تفاقم انعدام الأمن الغذائي وينذر بأن ٧٥ مليون عربي مهددون بالجوع في نهاية العقد الحالي. وفي تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيير المناخ ان التغييرات المناخية المتسارعة ستؤدي الى جوع عشرات الملايين من البشر من سكان العالم.

وفي لبنان بعد ان سقط مشروع البطاقة «التموينية» في متاهات اللجان والتنظيرات، حلّ مكانها مشروع البطاقة «التمويلية» الذي ينص على مساعدة أكثر من نصف مليار دولار لأكثر من نصف مليون أسرة لبنانية بمبلغ ١٣٧ دولارا شهريا لفترة محددة ما زال البحث جاريا حتى الآن عن مصادر تمويلها، وهي التي وصفها وليد جنبلاط بأنها «بطاقة انتخابية» على غرار سلسلة الرتب والرواتب التي أقرّت قبل فترة وجيزة من بدء معركة الانتخابات الأخيرة.

وببقى السؤال عن مصدر التمويل؟

بعد أن أقرّت اللجان المشتركة في مجلس النواب البطاقة وأحالتها الى الحكومة لتأمين مصادر تمويلها، ينتظر أن تؤلف الحكومة لجنة من ٣ وزارات لوضع الآليات التنفيذية ومن ضمنها ترشيد الدعم والمعايير وتحديد الفئات التي تستحق البطاقة، على أن ترسل الحكومة الى مجلس النواب بعدها مشروع قانون معجل لمناقشة مصادر وكيفية التمويل البالغ ٥٥٦ مليون دولار ومنها:

١- احتياطي الودائع لدى مصرف لبنان، وهو المصدر الذي يواجه بمعارضة نيابية وشعبية، إضافة الى أن حاكم مصرف لبنان يشترط التغطية القانونية التي تسمح للمصرف بهذا الإجراء، مع الاشتراط على الحكومة إعادة المال الى الاحتياطي ضمن المهل المحددة قانونا في قانون النقد والتسليف وان يكون ذلك على أساس قرض وبنسبة فائدة في ضوء مواد قانون النقد والتسليف.

٢- الحصول على موافقة البنك الدولي بـ «تجيير» بعض أموال القروض التي خصصها البنك لبعض المشاريع ومنها مشروع سد بسري الذي تم إلغاؤه واستخدامها في تمويل البطاقة، وأن تعاد هذه الأموال إذا وافق البنك على دفعها، الى الاحتياطي الإلزامي حسب الشرط الذي وضعه مصرف لبنان.

ويبقى أخيرا سؤالان أساسيان: هل يحق دستوريا لحكومة مستقيلة أن تقوم بكل هذه الاجراءات التي تتعلق باقتراض وإنفاق مبلغ كبير بحوالي نصف مليار دولار؟ وهل بعد كل الذي لحق بالودائع من التجميد والتقنين والصرف منها بغير العملة التي أودعت بها، أن تمتد يد الدولة الى ما تبقّى من القليل الضئيل الباقي بشكل احتياطي الودائع، ولأهداف بات واضحا انها انتخابية، وبدون أن تواجه بنقمة شعبية كبرى لن تهدئ من روعها استغلال الحكومة لفقر الناس كي «تمرر» لهم مقابل أصواتهم حفنة دولارات تسد بها رمقهم وتهدئ ثورة جوعهم؟!

Leave A Reply