على قاعدة “لحاق 8 آذار بتدلّك على الخراب”… لا عجب بأن يلقى لبنان هذا المصير الأسود الذي وصل إليه تحت سلطة أكثرية حاكمة سوّت كرامة اللبناني بالأرض وأضرمت نيران جهنّم تحت أقدامه. العجب كل العجب ممن كان يتوسّم بصيص أمل من سلطة قائمة على النصب والنهب والاحتيال… هدمت ركائز الدولة وتدعي إعادة تقويمها، نهبت المال العام وتدعي إعادة المال المنهوب، رعت الفساد وتدعي مكافحته، تقتل القتيل وتحقّق في مقتله… هي الشرعية والمافيا في منظومة واحدة، الدولة والدويلة في قالب واحد… “العهد القوي” و”العهد الحَجَري” في آن حيث لا غذاء ولا دواء… ولا كهرباء دولة ولا حتى “اشتراك”!
فلو كانت وزارة الطاقة “وكل الطاقات” العونية، لصاحبها جبران باسيل، تعلم أنّ إعلانها الذي استغبى عقول اللبنانيين يوم وعدتهم بـ”LebanON” مضاءً 24 ساعة على 24 ساعة، سينقلب عتمةً شاملة حوّلت البلد من أقصاه إلى أقصاه “LebanOFF” على مدار الساعات الأربع والعشرين، لكانت تجنبت عرضه وتعريض نفسها أقلّه للمساءلة عن وعودها الكاذبة… إن تعذرت مساءلتها عن سياسات الهدر وسمسرات البواخر التي كبّدت الخزينة نصف دينها العام.
كأحجار الدومينو، تساقطت المؤسسات الواحدة تلو الأخرى في قبضة العتمة بالأمس، فتوقفت كلّ المعاملات في مقر الأمن العام في السوديكو، وتوقفت أنظمة أجهزة الكمبيوتر التابعة لوزارة المالية في قصر عدل بيروت، وتوقفت معاملات استيفاء الرسوم، وتوقفت صناديق الجمارك في المطار عن قبض الرسوم بسبب عدم توافر الأوراق والمحابر وتعرقلت حركة الشحن، وتوقفت الأعمال في سراي صيدا، وأطفئت المولّدات في معظم المناطق شمالاً وجنوباً، وصولاً إلى بيروت، حيث توقفت أجهزة التكييف في عدد من أقسام المستشفى الحكومي، فكانت تغريدة مأسوية بالمختصر المفيد من مدير المستشفى فراس الأبيض: “لا داعي لاستعمال المخيّلة أو التهويل نحن في جهنّم حقاً”.
والأنكى، أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون لم يكلّ ولم يملّ بعد من استدعاء مجلس الدفاع الأعلى كلما اشتدت الأهوال وساءت الأحوال لسؤاله “شو عم يصير؟”، فيخلص إلى استعراض مستجدات وقائع الانهيار مع المجتمعين ويوعز برفع الجهوزية والتدابير… وعلى الأرجح هذا ما سيكون عليه الحال اليوم في اجتماع قصر بعبدا الذي سينتهي إلى مقررات، أقصى ما تملكه إعلان التباهي بتأمين المحروقات للناس خلال الساعات المقبلة بتمويل مباشر من جيوب المودعين، بموجب قرار الرفع الجزئي لدعم مشتريات المحروقات على سعر صرف 3900 ليرة من الاحتياطي الإلزامي المتبقي في مصرف لبنان.
وفي الغضون، تواصل الأكثرية الحاكمة شبك لبنان في “صنارة” محور الممانعة وقطع شباكه مع المجتمعين العربي والدولي، وتدفع به نحو التوغل أكثر فأكثر في سياسة “الاتجاه شرقاً”، حيث هللت خلال الساعات الأخيرة أوساط فريق الثامن من آذار لزيارة وفد روسي إلى لبنان، بوصفها زيارة مفصلية هادفة إلى إطلاق عجلة الاستثمار في مجالات الكهرباء والطاقة والمرفأ في كل من بيروت وطرابلس.
غير أنّ حسابات حقل “البروبغندا” لم تتطابق مع بيدر المعلومات الفضائحية المتصلة بالشركة الروسية المعوّل على استثماراتها اللبنانية، إذ كشفت مصادر موثوق بها أنّ شركة “hydro engineering and construction” التي تهلّل قوى 8 آذار لاستثماراتها الموعودة في لبنان، كانت قد تأسست حديثاً في 5 شباط من العام الجاري برأسمال 10 آلاف روبل أي ما يعادل 150 دولاراً أميركياً، ولم يسبق لها تنفيذ أي مشاريع كبيرة سواء متعلقة بالطاقة أو بتطوير الموانئ.
وبحسب المعلومات فقد تبيّن أنّ هذه الشركة تأسست بغرض الدخول إلى أسواق جديدة مثل لبنان نظراً لكون شركتها الأم “ستروي ترانس غاز”، مدرجة على قوائم العقوبات الأميركية ولا يمكن لأي دولة أو جهة التعامل معها خشية إخضاعها للعقوبات. وفي هذا السياق، تكشف المصادر عن “خلفيات وشبهات تحوم حول جهات نافذة في 8 آذار تعمل على خط بيروت – دمشق، لدفع وزراء في حكومة تصريف الأعمال إلى توقيع بعض التعاقدات الثنائية مع هذه الشركة الروسية الناشئة، لغايات نفعية تدرّ سمسرات على بعض الجيوب وفي الوقت نفسه توحي بدخول الروس على الساحة اللبنانية في مواجهة أميركا والأسرة الدولية، في حين أنّ الشركات الروسية العملاقة في مجالات النفط والغاز وإعادة الإعمار، والتي كانت قد أبدت استعدادها للاستثمار في لبنان خلال زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى موسكو، أبلغت المعنيين بأنها لن تقوم بأي زيارة استطلاعية إلى بيروت قبل تشكيل حكومة إصلاحية تراعي شروط المجتمع الدولي وصندوق النقد لعلمها المسبق بأنّ أي خطوة استثمارية معاكسة لهذا الاتجاه لن تُكتب لها الحياة”.
نداء الوطن