الأربعاء, نوفمبر 27
Banner

الحريري يُؤلّف ولا يعتذر… فهل يُقدّم التشكيلة للرئيس عون الجمعة؟

محمد بلوط – الديار

تحرك ملّف تأليف الحكومة مجددا في الساعات الماضية مع عودة الرئيس الحريري من الامارات العربية المتحدة بعد جولة جديدة له شملت تركيا ومصر. وفور عودته بدأ جولة من المشاورات تشمل الحلقة الضيقة من المعاونين والمقربين، وتواصل مع الرئيس بري في اجواء ايجابية تستبعد حاليا فكرة الاعتذار التي جرى الحديث عنها في الايام الاخيرة، وتردد ان اجتماعا مطوّلا عقد بينهما امس، في حين ذكرت مصادر اخرى ان اللقاء سيجري اليوم.

وبغض النظر عن توقيت الاجتماع، فان الحريري ليس في صدد اتخاذ موقف سلبي باتجاه الاعتذار، وان مشاوراته ستشمل بطبيعة الحال رؤساء الحكومات السابقين وكتلته النيابية.

وبالاضافة الى التحريك الداخلي تبرز ايضا زيارة وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الى بيروت اليوم حيث يلتقي الرؤساء عون وبري والحريري في مهمة للمساعدة في تأليف الحكومة.

وتقول مصادر موثوقة ان الحريري يعتزم ان يقدم لرئيس الجمهورية تشكيلة حكومية جديدة من ٢٤ وزيرا تأخذ في الاعتبار نتائج المساعي التي بذلت في اطار مبادرة بري، والاتصالات التي اجراها اخيرا حزب الله استكمالا لهذه المبادرة.

وتنطلق هذه التشكيلة، بحسب المصادر، من أسس مبادرة بري التي تأخذ بعين الاعتبار، بالاضافة الى تشكيلة الـ ٢٤ وزيرا، ان تكون خالية من الثلث المعطل لاي طرف من الاطراف، ومؤلفة من وزراء اختصاصيين غير حزبيين، وتحاكي مبادىء المبادرة الفرنسية لجهة ان تكون الحكومة حكومة مهمة تقر الاصلاحات المطلوبة لتوفير عناصر تأمين الدعم للبنان.

وتضيف المصادر ان الحريري سيضع اللمسات الاخيرة على التشكيلة في اليومين المقبلين قبل ان يزور بعبدا لتقديمها للرئيس عون، ويرجح ان تكون الزيارة يوم الجمعة المقبل، الا اذا استجدت معطيات فرضت اجراء المزيد من التشاور لتوفير مناخ افضل لهذه الخطوة تفاديا لحصول مضاعفات سلبية.

ويقول مصدر سياسي بارز ان الاجواء لم تتبلور كليا، وان الوضع مفتوح على كل الاحتمالات سلبا او ايجابا، لكن ثمة مؤشرات برزت مؤخرا تحيط بالجولة الجديدة من التحرك المتعلق بتأليف الحكومة، منها داخلي ومنها ما هو خارجي، ويضيف المصدر ان هذه المؤشرات والعناصر تجعل الحريري يستمر في التكليف على الاقل حتى جلاء الموقف في ضوء الحراك الحاصل، آخذا بعين الاعتبار الدعم الذي ما زال يحظى به من الداخل والخارج.

ووفقا للاجواء المحيطة به، فانه لم يأت من الامارات بقرار مسبق بالاعتذار عن التكليف، بل عاد في اجواء مشابهة للتي كانت سائدة قبل مغادرته بيروت، حيث تزوّد بغطاء سياسي وديني سني للاستمرار في مهمته وتجاوب مع رغبة بري بالمضي في تحمّل المسؤولية لتأليف حكومة انقاذية وفق الاصول الدستورية والمبادرة الفرنسية.

ويضيف المصدر ان الحريري يستند في توجهه هذا الى معطيات داخلية وخارجية:

– على الصعيد الداخلي ما زال يحظى بالتأييد الذي حصل عليه في الاستشارات النيابية بالاضافة الى تأييد حزب الله بشكل صريح رغم عدم مشاركته في تسميته بالاستشارات.

– خارجيا، فان باريس التي رعت ودعمت ترشيحه ما زالت على موقفها هذا، لكنها تشدد في الوقت نفسه على وجوب تفعيل تحركه وجهوده ورئيس الجمهورية لتأليف الحكومة بأسرع وقت لان الوضع المتدهور في لبنان بات ينذر بعواقب وخيمة وتداعيات كارثية، ولان المدخل الوحيد للانقاذ وتوفير الدعم له هو في تأليف حكومة مهمة تقر الاصلاحات المطلوبة لتامين المساعدات اللازمة للبنان.

ويشير المصدر ايضا الى ان المعلومات المتوافرة تفيد بان باريس لم تبحث في اي بديل للحريري، ولم تطرح هذا الخيار على الطاولة.

وحسب المعلومات ايضا، فان القيادة المصرية جددت للحريري موقفها الداعم له في مهمته، داعية في الوقت نفسه الى تعزيز العمل والجهود لتذليل العقبات في وجه تشكيل الحكومة ومنوهة مرة اخرى بدور بري في هذا المجال، وما تزال المملكة العربية السعودية تنأى بنفسها عن لعب اي دور في موضوع الحكومة، مكتفية بالقول ان هذا الامر متروك للبنانيين انفسهم، ومشددة في الوقت نفسه على حكومة تضع نصب اعينها تنفيذ الاصلاحات التي تشكل العنصر الاساسي لتوفير الدعم للبنان.

وحسب الاجواء القليلة التي تسربت عن اللقاء الثلاثي الاخير الذي جمع وزراء خارجية الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا والسعودية، فان ادارتي بايدن وماكرون حثتا الرياض على لعب دور ما للمساعدة في تسريع تأليف الحكومة اللبنانية، وان الوزيرين الاميركي والفرنسي طلبا من نظيرهما السعودي نقل هذا الموقف الى قيادة بلده.

ولاحظ المصدر السياسي المطلع انه للمرة الاولى يصدر موقف اميركي واضح في هذا الشان بعد تسلم الرئيس بايدن مقاليد الحكم، مشيرا الى ان الادارة الاميركية الجديدة دخلت على خط الاهتمام اكثر بالملف اللبناني بتنسيق كامل مع باريس، وان البلدين متفقان على تفعيل الضغوط في كل الاتجاهات لحمل المسؤولين اللبنانيين على حسم امورهم وتأليف الحكومة بأسرع وقت.

وفي ضوء الاجتماع الثلاثي المذكور يتضح ايضا ان واشنطن تشارك باريس في الرأي بأن السعودية يمكن وقادرة على لعب دور مساعد باتجاه تأليف الحكومة اللبنانية.

ومنذ هذا الاجتماع لم يصدر اي موقف علني عن السعودية في هذا الصدد، لكن ما لفت المصدر تحرك السفير السعودي في لبنان وليد بخاري واجتماعه مع رئيس الحكومة الاسبق فؤاد السنيورة، وكذلك لقائه مع السفيرة الفرنسية.

ولا يستبعد المصدر ان تكون الدوحة قد التقطت اخيرا بعض الاشارات الداخلية اللبنانية والخارجية، فقررت ايفاد وزير خارجيتها اليوم الى بيروت لاجراء محادثات مع عون وبري والحريري، لا تقتصر على الوضع العام بل تتناول تفاصيل الازمة الحكومية وما يمكن ان تساهم به لتوفير اجواء الحلول لها، كما ذكرت مصادر مواكبة لاجواء الزيارة.

والى جانب هذه المؤشرات الداخلية والخارجية يبرز ايضا عامل مهم للغاية متعلق بالانهيار المتسارع للوضع الاقتصادي والمالي والمعيشي في ظل عجز حكومة تصريف الاعمال وامتناعها عن القيام بالاجراءات الطارئة والازمة للتخفيف من الوضع الكارثي للبنانيين.

فهل يتحرك المسؤولون عن الازمة الحكومية لتفادي الانفجار، ويفرجوا عن الحكومة قبل فوات الاوان؟

Leave A Reply