الثلاثاء, نوفمبر 26
Banner

لا قرار للحريري حتى الساعة بالاعتذار لكنه بين خياراته

قال مصدر سياسي مواكب للمشاورات التي بدأها الرئيس المكلف بتشكيل ‏الحكومة سعد الحريري فور عودته إلى بيروت والتي شملت للآن رئيس ‏المجلس النيابي نبيه بري ورئيسي الحكومة السابقين فؤاد السنيورة وتمام سلام ‏وتخللها اتصال بالرئيس نجيب ميقاتي لوجوده خارج البلاد، بأنه لا قرار لديه ‏حالياً بالاعتذار عن تشكيلها وإن كان مدرجاً كأحد من الخيارات على جدول ‏أعماله. وكشف لـ”الشرق الأوسط” أن استقراء الخيار النهائي للحريري لا ‏يمكن الرهان عليه إلا من خلال لقائه العلني الذي يفترض أن يعقده قريباً مع ‏بري استكمالاً للقائهما الذي عُقد بعيداً عن الأضواء عصر أول من أمس‎.

ولفت إلى أن اللقاء المرتقب بين بري والحريري يأتي تتويجاً لمروحة من ‏المشاورات والاتصالات يعقدها مع كتلته النيابية وقيادة تيار “المستقبل” ‏وشخصيات سياسية مستقلة ليكون في وسعهما أن يبنيا معاً على الشيء مقتضاه ‏رغم أن الرئيس المكلف يستعجل في اتخاذ قراره النهائي مع تدحرج البلد نحو ‏السقوط وارتفاع منسوب الكوارث على المستويات كافة‎.

ورأى المصدر نفسه أنه لم يطرأ أي جديد على الاتصالات الخارجية ذات الصلة ‏المباشرة بأزمة تشكيل الحكومة، وقال إن الخارج وإن كان لا يشجع الحريري ‏على الاعتذار في حال اتخذ قراره النهائي في هذا الخصوص، فإن الأخير لن ‏يكون شريكاً في انهيار البلد وهو جاء في مهمة إنقاذية يأخذ بعين الاعتبار ‏التمسك بالمبادرة الفرنسية والتفاوض مع صندوق النقد للحصول على مساعدات ‏لوقف الانهيار‎.

لكن رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل وبدعم من رئيس ‏الجمهورية ميشال عون سرعان ما بادر – كما يقول المصدر السياسي – إلى ‏تحويل تشكيل الحكومة إلى معركة وجودية ومصيرية وصولاً إلى تطييفه لعملية ‏تأليفها بذريعة أن الأولوية هي لاسترداد حقوق المسيحيين واستعادة الصلاحيات ‏المصادرة لرئيس الجمهورية. واعتبر أن اعتذار الحريري عن تأليف الحكومة ‏يبقى نافذة مفتوحة مبنية على قناعة تكاد تكون جامعة بين الرئيس المكلف ورئيس ‏المجلس ورؤساء الحكومات السابقين وآخرين بأن عون وبطلب من باسيل لا ‏يريد حكومة في الأساس لأنه يروق له أن يتصرف على أنه الحاكم بأمره ويرأس ‏اجتماعات المجلس الأعلى للدفاع ويتخذ القرارات بخلاف ما نص عليه قانون ‏الدفاع الوطني‎.‎

وقال إن عون يعطي الأولوية لإنقاذ وريثه السياسي باسيل لتأمين استمرارية إرثه ‏السياسي، وإلا لما قطع الطريق على المبادرة الإنقاذية التي طرحها بري الذي ‏نجح في رفع عدد أعضاء الحكومة في حال تشكيلها من 18 إلى 24 وزيراً من ‏جهة وفي إيجاد مخرج لتسوية الخلاف حول وزارتي الداخلية والعدل، وذهب ‏بعيداً في التعامل مع رئيس المجلس على أنه منحاز إلى جانب الحريري‎.

ومع أن الجميع – بحسب المصدر نفسه – كان ينتظر من باسيل بتفويض من ‏عون أن يجيب عن مشكلة تسمية الوزيرين المسيحيين لمنع باسيل من الحصول ‏على الثلث الضامن أسوة بالآخرين وبمنح تكتله النيابي الحكومة الثقة، لكنهم ‏فوجئوا بفتح النار على بري والحريري‎.

وبالنسبة إلى ما يتردد بأن الحريري سيتقدم بتشكيلة وزارية من 24 وزيراً من ‏رئيس الجمهورية تسبق اعتذاره في حال امتنع عن إصدار مراسيمها، قال ‏المصدر إنه لا يزال في طور دراسة هذه الفكرة التي كان اقترحها عليه رؤساء ‏الحكومات السابقون مع أن مجرد رفضها لن يكون مدخلاً لتشكيل حكومة ‏برئيس وزراء آخر. وأضاف أن عون سيرفض التشكيلة، وهذا ما يُرتب على ‏الحريري الاعتذار الذي يعني أن مبادرة بري سُحبت من التداول لأن رئاسة ‏الحكومة ليست حقلاً للتجارب لطموحات باسيل وشطحاته في ظل إحجام عون ‏عن التعاطي في ملف الحكومة ويكتفي بإصدار البيانات كلما شعر بأن الحصار ‏على صهره أخذ يشتد في محاولة لإنقاذه، وبالتالي يبقى السؤال: هل يريد عون ‏حكومة أم لا؟ ويأتي الجواب عليه من باسيل برفض حكومة برئاسة الحريري‎.

وتوقف المصدر أمام قول الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله بأن أمامنا ‏ثلاثة أيام لمعرفة المسار الحكومي، وقال إن كلامه هذا ما هو إلا للاستهلاك ‏المحلي، إلا إذا قرر أن يحسم خياره في انحيازه لمبادرة بري وألا يكون قد ‏حسمه لحساب باسيل، وسأل ما إذا كان يعطي الأولوية للأخير بدلاً من أن ‏يضغط لدفعه إلى إسقاط شروطه التي تعطل تشكيل الحكومة، ورأى أن ‏الساعات المقبلة ستكون حاسمة لاستقراء خيارات الحزب الذي هو أقرب حتى ‏الساعة إلى محور عون – باسيل‎.

ولدى سؤال المصدر عن صحة ما يتردد بأن يُترك للحريري في حال اعتذاره ‏وبالتنسيق مع رؤساء الحكومات السابقين تسمية من سيخلفه بالتشاور مع بري، ‏قال إن هذا الأمر لن يحسم رغم أن من يرفض الحريري لن يعطيه حق التسمية ‏لأن خلفه سيصطدم بحائط مسدود كان اصطدم به السفير مصطفى أديب، ‏وبالتالي لا يمكن أن تتحمل مسؤولية بتسمية شخص آخر لست مسؤولاً عنه، ‏إضافة إلى أن مثل هذا الاقتراح هو محاولة لإعادة تعويم باسيل قبل عون، ليكون ‏في وسعه شراء الوقت فيما الانفجار الشامل يطبق على البلد، وهذا لا يشجع ‏‏”أهل البيت” الداعم للحريري على تبنّي اقتراح كهذا، علماً أنه لن يكون في ‏وسع من سيخلفه أن يقدّم التسهيلات و”التنازلات” التي قدّمها وقوبلت بإصرار ‏باسيل على الشروط التي تتيح له الإمساك بزمام المبادرة‎.‎

الشرق الأوسط

Leave A Reply