وليد حسين – المدن
سبق وأعلن وزير الصحة عن تسلّم لبنان كمية كبيرة من اللقاحات، بينها أكثر من مليوني جرعة من “فايزر”، في شهري حزيران وتموز، واعداً بآلية تلقيح تشمل نحو مئتي ألف شخص أسبوعياً. وكانت وزارة الصحة توقعت تلقيح كل الفئات العمرية التي تزيد عن أربعين عاماً من المسجلين في مطلع تموز، أو نهايته كحد أقصى. وهذا ما دفع بأشخاص كثر إلى الامتناع عن تلقي أسترازينيكا في انتظار فايزر.
لا إقفال للبلد
اليوم وفي ظل تفشي متحور دلتا، الذي سيصبح طاغياً في لبنان والعالم، ما زالت نسبة الملقحين بجرعتين تقتصر على نحو 11 بالمئة من السكان. وهذا مؤشر لا يدل أن لبنان قادر على مواجهة تحديات دلتا في الشهرين المقبلين، ومطلع الخريف، خصوصاً إذا لم تتسرع حملة التلقيح. فالمراكز التي تم افتتاحها تصل قدرتها الاستيعابية إلى تنفيذ أكثر من 130 ألف جرعة في الأسبوع.
الحل الوحيد المقترح لمواجهة دلتا هو تسريع حملة التلقيح، وإقدام المواطنين على تلقي اللقاحات المتوفرة. إذ لا يوجد أي نية لاتخاذ إجراءات العودة إلى الاقفال الكلي أو الجزئي أو إقفال المطار في الوقت الحالي. ولن يذهب لبنان إلى هذا الخيار إلا في حال وقوع كارثة على مستوى الإصابات المرضية، أي تلك التي تستدعي الدخول إلى المستشفيات، وفق رئيسة اللجنة التنفيذية للقاح، بترا خوري.
اللقاحات وفق المخاطر
لكن أين أصبحت وعود الوزارة بتلقيح كل الفئات ما فوق الأربعين عاماً بلقاح فايزر، في ظل الامتناع عن تلقي أسترازينيكا؟ ولماذا تصر الوزارة على تلقيح الفئة العمرية بين ثلاثين وخمسين عاماً بلقاح أسترازينكا، فيما بدأت بتلقيح من هم دون الثلاثين عاماً بفايزر؟ وما هي الكميات المتوفرة حالياً؟
وفق خوري، كل الدول تلقّح باسترازينيكا. وتسأل: “هل نحن أفضل من بريطانيا أو ألمانيا التي تلقح كل الفئات العمرية ما فوق 18 عاماً به”. الكميات التي تصل توزَّع على الفئات العمرية وفق المخاطر. والفئة التي تفوق الخمسين عاماً تعتبر أكثر عرضة للمخاطر من غيرها، وتم تلقيحها بفايزر. كما تم تلقيح كل الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة بهذا اللقاح. ولو لم نتخذ هذا الاجراء لما وصلنا إلى عدد مرضى لا يذكر في المستشفيات، في الوقت الحالي.
كميات فايزر غير كافية
وتوضح خوري أنهم بدأوا بتلقيح الفئة تحت الثلاثين عاماً بفايزر، لأنه ما من خيار آخر بعدما تقرر عدم استخدام أسترازينيكا لها. أما الفئة العمرية التي تتراوح بين الثلاثين والخمسين فلديها خيار أسترازينيكا.
وعن الكميات المتوفرة، تؤكد أنها كلها نحو مليون وخمسمئة ألف جرعة، مقسمة بين 750 ألفاً أتت في حزيران، و750 ألفاً تصل في تموز وشهر آب، ومطلع أيلول. وهناك 750 ألف جرعة للقطاع الخاص ومقسمة على دفعات.
وتضيف خوري أن المسألة مرتبطة بالكميات المتوفرة: “لو كان هناك كميات كافية، لكنا فتحنا فايزر للجميع. فنحن لا نريد غير تلقيح الجميع وبأسرع وقت ممكن”. حالياً كل الجرعات المتوفرة يتم صرفها على الفئات العمرية فوق الخمسين عاماً وتحت الثلاثين عاماً. وأعداد الجرعات معروفة ويتم التصريح عنها، وكل الجرعات من فايزر التي تصل، خاضعة لرقابة البنك الدولي. بالتالي، لا يوجد كميات مستلمة تذهب إلى برادات الوزارة من دون توزيعها، إلا تلك المخصصة للجرعة الثانية. وعين البنك الدولي مفتوحة في هذا الشأن، وتراقب كل التفاصيل”.
خيار أسترازينيكا
وتعتبر خوري أن المشكلة الوحيدة تكمن في أن المنتمين للفئة العمرية بين 30 و49 عاماً عليهم أن يعوا أن لديهم خيار لتلقي لقاح أسترازينيكا، بينما من هم تحت الثلاثين عاماً فليس لديهم الخيار. ويجب استهداف من هم دون الثلاثين عاماً، لأنه إلى حد الساعة أرسلت المواعيد لنحو 48 ألف شخص، بينما عددهم أكثر مليون شخص. وتبين أن انتشار الوباء يأتي من هذه الفئة العمرية جراء ميلهم للخروج والسهر والاحتفال والاختلاط الكبير.
نحن في حالة طوارئ حالياً ويجب تمنيع المجتمع قبل الوصول إلى فصل الخريف. ومتحور دلتا قد يؤدي إلى كارثة صحية في حال لم نصل إلى مناعة مجتمعية كبيرة. أي أنه في حال لم تسرّع وتيرة التلقيح، والإقدام على تلقي أي لقاح متوفر، وعدم انتظار فايزر، سنكون في شهر آب أمام تحدٍ كبير حيال متحور دلتا. بالتالي، لا يوجد رفاهية كي ننتظر لقاح فايزر أو غيره، كما تقول خوري.
في ظل التمنع عن تلقي أسترازينيكا، عمد الكثيرون إلى تسجيل بياناتهم من جديد على المنصة، وضمنوها المعاناة من أمراض مزمنة طمعاً بتلقي فايزر حصراً. لكن الوزارة أوقفت تلقيح الذين تسجلوا على المنصة ببيانات مرضية منذ نحو عشرة أيام، لمنع ازدواجية البيانات. وبات المنتمون إلى الفئة العمرية بين 30 و50 عاماً، ملزمين بإرسال تقارير طبية. فقد سبق وتم تلقيح كل المسجلين الذين يعانون من أمراض مزمنة من كل الفئات العمرية، وفق خوري.