حذّر المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية من أن «طفرة دلتا قد تضيع موسم الصيف»، في الوقت الذي كانت منظمة الصحة العالمية تناشد الدول الأوروبية «ممارسة أقصى درجات الحذر عند رفع قيود العزل وتخفيف تدابير الوقاية والاحتواء، كي لا تبدد ما كسبته طوال عام ونصف العام من الجهود والتضحيات».
وأفاد المركز الأوروبي، أمس، بأن طفرة دلتا، التي ظهرت في الهند أواخر العام الفائت وتتميز بسرعة سريانها التي تزيد بنسبة 60 في المائة على الأقل على الطفرات الأخرى، أصبحت سائدة فيما لا يقل عن 12 بلداً أوروبياً، فيما تتضاعف دائرة انتشارها أسبوعاً بعد أسبوع في البلدان الأخرى. وتفيد آخر البيانات بأن نسبة انتشار طفرة دلتا في ألمانيا بلغت 59 في المائة من مجموع الإصابات الجديدة، بعد أن كانت 37 في المائة منذ أسبوع، ولم تكن تتجاوز 17 في المائة في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، وذلك وفقاً لمعهد «روبرت كوخ» الذي تستند إليه الحكومة الألمانية في إدارة الأزمة الصحية وتحديد تدابير العزل والوقاية لمواجهتها.
وفيما أفادت السلطات الصحية الفرنسية بأن نسبة انتشار «دلتا» تجاوزت 40 في المائة في جميع أنحاء البلاد، قالت وزيرة الصحة الإسبانية إن هذه الطفرة أصبحت هي السائدة فيما لا يقل عن أربعة أقاليم، من بينها كاتالونيا والعاصمة مدريد.
وفي تطور لافت من شأنه أن يعكر أجواء التنسيق وتوحيد التدابير الأوروبية لمواجهة الوباء، دعت فرنسا مواطنيها، أمس، إلى تحاشي إسبانيا والبرتغال كوجهة سياحية خلال هذا الصيف، خوفاً من انتشار طفرة دلتا. وكان وزير الشؤون الأوروبية في فرنسا كليمان بون، قد نصح مواطنيه أمس بالبقاء في فرنسا أو زيارة بلدان أخرى، ملمحاً إلى أن إسبانيا والبرتغال تساهلتا في مراقبة دخول السياح خلال الأسابيع الأخيرة، وقال: «أقول لأولئك الذين لم يحجزوا عطلتهم بعد، أن يتحاشوا السفر إلى إسبانيا والبرتغال. إنها دعوة إلى الحذر وتوصية أشدد عليها. من الأفضل البقاء في فرنسا أو الذهاب إلى أي بلد آخر في أوروبا».
وكان المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية والوقاية منها قد كرر، أمس، النداء الذي وجهته منذ يومين منظمة الصحة العالمية إلى الدول الأوروبية، بعدم التردد في العودة إلى تدابير العزل والإغلاق لوقف ارتفاع عدد الإصابات الجديدة وقطع الطريق على ظهور المزيد من الطفرات. وفيما أعلن الناطق بلسان الحكومة الفرنسية أن سفر السياح الفرنسيين إلى البلدان المتوسطية التي تنتشر فيها طفرة دلتا بكثافة، يشكل مصدر قلق من عودتهم إلى البلاد حاملين هذه الطفرة، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى عقد اجتماع لمجلس الدفاع الصحي، يوم الاثنين المقبل، للبحث في تدابير مواجهة هذه الطفرة.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصدر أوروبي مسؤول أن اتصالات مكثفة تجري منذ أيام، بتوجيه من رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين، بهدف عقد قمة استثنائية لاستعراض المشهد الوبائي الأوروبي في ضوء التطورات الأخيرة، واتخاذ التدابير الكفيلة بعدم الاضطرار للعودة إلى سيناريو الإقفال وشل حركة التنقل والأنشطة الاقتصادية.
وقال المصدر إن تطورات المشهد الوبائي في بلدان الاتحاد الأوروبي خلال الأسابيع المنصرمة، رغم عدم خطورتها في المدى المنظور، تستدعي الحيطة والحذر وتبدية الاعتبارات العلمية والصحية، ومن غير المستبعد أن تستوجب تدابير مختلفة عن تلك التي وضعتها الدول الأعضاء لإدارة الأزمة الصحية خلال العطلة الصيفية. وأشار المصدر إلى أن ما يبعث على القلق حالياً هو تراكم مجموعة من العوامل لم تكن في حسابات الدول عندما وضعت خطط الاستجابة للمرحلة الراهنة، ومنها: الانتشار السريع لطفرة دلتا، والثغرات العمرية التي ما زالت موجودة في معظم حملات التلقيح، ودور الشباب من حيث تعرضهم للإصابة بمعدلات أعلى مما كان متوقعاً ونقلهم الفيروس للفئات الأخرى.
وكانت منظمة الصحة العالمية قد نبـهت مجدداً، أمس، إلى أن الانتعاش الاقتصادي لن يتحقق من غير السيطرة الكاملة على الوباء، التي بدورها تبقى مرهونة باحتواء الطفرات الجديدة ومنع ظهور المزيد منها، وأن الشرط الأساسي لذلك هو توزيع اللقاحات بسرعة على جميع البلدان.