غاصب المختار – اللواء
ظهر البعد الخارجي للأزمة الحكومية في عاملين اساسيين، زيارة السفيرتين الاميركية دوروثي شيا والفرنسية آن غريو إلى الرياض. واتصال مساعد وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف بالرئيس سعد الحريري، وما صدر من مواقف عن الاطراف الثلاثة حول اولوية تشكيل حكومة الاصلاحات الموعودة، بالتوازي مع تقديم الدعم الانساني للشعب اللبناني.
المسعى الاميركي الفرنسي يتركز على محاولة استجلاب دعم انساني – اقتصادي سعودي للبنان تمهيداً لفتح الباب السياسي لاحقاً امام لعب دور ما في تسهيل التشكيل او المساهمة في إيجاد حل للأزمة السياسية. وهناك ترقب للمسعى الروسي من زاوية دوره لجهة تقديم كل التسهيلات والدعم للحريري لتشكيل الحكومة، ومن ضمنه المسعى لدى ايران لتسهيل مهمة التشكيل، ولكن لم يظهر علناً دور تعطيلي لإيران برغم استمرار اتهامها بذلك، حيث يغيب السفير الايراني نهائيا عن المشهد السياسي نه، خلافاً لسفراء آخرين يجاهرون بما تريده بلادهم بل ويفرضون شروطاً، بينما تنشغل إيران بمفاوضات الملف النووي ومعالجة أزماتها الداخلية الاقتصادية والصحية مع زيادة تفشي كورونا.عدا عن الازمة المستجدة عند حدودها مع افغانستان نتيجة الانسحاب الاميركي منها.
مصادرتيار المستقبل تؤكد لـ«اللواء» ان الرئيس الحريري تلقى نصائح من دول صديقة بتقديم تشكيلة حكومية الى الرئيس عون، لذلك كان تركيز الثنائي الاميركي الفرنسي على اولوية تشكيل الحكومة وهو ما بدا واضحاً في ما صدر من بيانات من الطرفين حول تشكيل الحكومة بغض النظر عن جانب الدعم الإنساني. ما يعني ان نتائج الحراك الاميركي الفرنسي والروسي قد تظهر لاحقاً وربما في مواقف الحريري خلال المقابلة التلفزيونية المرتقبة له هذا الاسبوع والتي يتحدد موعدها تبعاً للظروف (الارجح ان تتم الخميس)، سواء لجهة تقديم صيغة حكومية جديدة تُمهّد للإعتذار اذا رفضها عون، او مزيد من التريث.
وقد تعطي زيارة الحريري يوم الخميس المقبل كما تردد الى القاهرة ولقاؤه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دفعاً آخر للتريث بالاعتذار، لأن الموقف المصري متطابق مع الموقف الروسي بعدم الاعتذار، لذلك فالمعلومات ذاتها تتكرر منذ أكثر من شهر عن اسبوع حاسم بينما لا شيء محسوماً بعد لدى الحريري. إلّا ان مصادر تيار المستقبل تؤكد ان لا موعد زيارة مصر محسوم ولا موعد المقابلة التلفزيوينة، لكنهما ستتمان هذا الاسبوع بالتوازي مع المساعي الاخيرة لإنجاح الاتفاق على تشكيل الحكومة.
لكن السجال الذي اندلع السبت بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل بعد كلام باسيل لموقع التيار، وتقاذف التهم بالتعطيل والمسؤولية عما آلت اليه الاوضاع، قد يدفع ايضاً الحريري الى اتخاذ قراره هذا الاسبوع، بعدما ظهر عدم امكانية التفاهم مع باسيل على أي أمر. كما ظهر عدم امكانية التفاهم من خلال مقدمة نشرة اخبار قناة «ان بي ان» يوم السبت التي عبّرت عن استياء الرئيس نبيه بري، حيث اتهمت التيار الحر بالتعطيل والفساد، ورد اركان التيار (مي خريش وندى البستاني والنائب جورج عطا الله) بالمثل.
هذه الاجواء السلبية لا تشجع على ترقب اي تقدم او حلول قريبة، بل قد تُعجّل في حسم القرار. تقديم الحريري صيغة حكومية قد لا تُرضي الرئيس عون فيعتذر عن التشكيل وتدخل البلاد مرحلة تشكيل حكومة انتخابات، بما تعنيه من استشارات نيابية ملزمة وتكليف وتأليف وإعداد بيان وزاري ونيل الثقة النيابية، وكلها اجراءات تستغرق وقتاً وتؤخر الحلول وتراكم الازمات وتُفاقمها، وهو امر لا يحتمل نتائجه اي طرف سياسي، ناهيك عن عدم قدرة الناس على التحمل اكثر، لذلك قد تتجه الامور الى «ستاتيكو» قاتل حتى موعد الانتخابات النيابية التي قد يصار الى تقديمها شهراً او شهرين، عندها يتم غضّ النظر عن تشكيل حكومة جديدة نظراً لضيق الوقت، وتتولى حكومة تصريف الاعمال إجراء الانتخابات مرغمة.
لكن ماذا يحصل في البلد من الان حتى موعد الانتخابات؟ لم يعد بالامكان سوى ترقب معجزة قد تحصل هذا الاسبوع بموافقة عون على التشكيلة بعد روتشة خفيفة مع الحريري لوضع حد للانهيار. فهل تحصل المعجزة؟