الإثنين, نوفمبر 25
Banner

السلطة تنتظر الـ860 مليوناً بفارغ الصبر

رنى سعرتي – الجمهورية

رغم انّ السلطة الحاكمة في لبنان لا تستحق أن يقدّم لها المجتمع الدولي أي دعم او مساعدة مالية، بل مقاطعة تامة وعقوبات صارمة، بعدما نهبت وأهدرت وسرقت على مرّ السنين، اموال كافة الهبات والقروض والمساعدات الدولية، بالاضافة الى اموال المواطنين وعائدات الضرائب والرسوم، ولم تكتفِ أو تكفّ لغاية اليوم، ها هي الطبقة الفاسدة نفسها موعودة بـ860 مليون دولار اواخر آب المقبل من قِبل صندوق النقد الدولي، من دون أي قيد او شرط حول كيفية استخدام تلك الاموال.

هذه الاموال هي حصّة لبنان من حقوق السحب الخاصة للدول الاعضاء (SDR) في صندوق النقد الدولي لدعم الاحتياطات العالمية، وسبق ان اعلنت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، في السابق، «انّ التخصيص القادم لحقوق السحب الخاصة «مهمّ» لأنّه سيوفّر زيادة في الاحتياطات المالية التي تشتد الحاجة إليها في الأسواق الناشئة والبلدان النامية، وخصوصاً البلدان ذات الدخل المنخفض والتي استنفدت احتياطاتها بشدة، وذلك استجابة لوباء كورونا، مشيرة الى انّ تعزيز احتياطات تلك البلدان قد يجعلها في وضع أفضل يمكّنها من تخصيص حيّز مالي لمكافحة الوباء وتطعيم شعوبها ودعم الفئات الضعيفة من السكان».

وفي هذا السياق، اعرب رئيس الجمهورية ميشال عون عن «امتنان لبنان للدعم الذي يقدّمه صندوق النقد الدولي للمساعدة في تجاوز الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمرّ فيها». وأكّد في خلال استقباله امس، ممثل لبنان والمجموعة العربية في مجلس إدارة صندوق النقد الدولي محمد محيي الدين، انّ «لبنان مقبل بعد تشكيل الحكومة الجديدة على تطبيق خطة نهوض اقتصادية تتضمن إصلاحات تشريعية تحقق الشفافية، إضافة الى اعتماد توزيع عادل ومنصف للخسائر، بهدف إعادة استنهاض الاقتصاد الوطني».

ورحّب عون بـ»أي دعم يقدّمه صندوق النقد الدولي»، شاكراً لمحيي الدين «ما ابداه الصندوق من حرص على تقديم المساعدة للبنان في مجالات عدة لاستنهاض الاقتصاد، من خلال تحديث خطة التعافي المالي على ضوء المستجدات التي طرأت بعد انفجار مرفأ بيروت».

بدوره، اعلم محيي الدين، عون انّ «صندوق النقد الدولي سيعمد الى تخصيص لبنان بما يوازي 860 مليون دولار أميركي من ضمن برنامج متكامل بوحدات حقوق السحب الخاصة تبلغ قيمته 650 مليار دولار توزع على 190 دولة وذلك خلال الشهرين المقبلين».

لكن ما لا يجهله المسؤولون الحاليون ومن يعوّل على تلك الاموال لتعويم السلطة الحالية من جديد، من خلال مواصلة سياسة الدعم الفاشلة وهدر المزيد من العملات الاجنبية، هو انّ المبلغ المخصّص من قِبل صندوق النقد الدولي ليس مجانياً، وهو ليس عبارة عن سيولة نقدية بل أصول احتياطية يمكن لمصرف لبنان المطالبة باستبدال جزء منها او كاملها في أي وقت، بالسيولة النقدية بالدولار واليورو والجنيه الإسترليني والين واليوان الصيني أو الرنمينبي، وعليه في المقابل، تسديد فائدة الـ (SDR rate) على مبلغ حقوق السحب الخاصة الذي سيحوله إلى عملات أخرى. وبالتالي فإنّ تحويل هذا المبلغ إلى عملات أخرى هو بمثابة الاستدانة والحصول على قرض.

ويتمّ تحديد قيمة حقوق السحب الخاصة يومياً إستناداً إلى سلّة من 5 عملات دولية رئيسية: الدولار الأميركي (42%) واليورو (31%) واليوان الصيني (11%) والين الياباني (8%) والجنيه البريطاني (8%). في حين انّ الفائدة على الفارق بين حصة لبنان والمبلغ الذي تمّ استبداله بالسيولة، هي فائدة متحركة يتمّ تحديدها أسبوعياً وفقاً لاسعار صرف العملات التي تشملها سلّة حقوق السحب الخاصة والمذكورة آنفاً.

وقد اوضح مسؤول سابق في صندوق النقد الدولي لـ:الجمهورية»، انّه عندما تكون حيازات (holdings) بلد ما من حقوق السحب الخاصة أقل من مخصّصاته (allocation)، فإنّ الدولة تبدأ في دفع فائدة على الفارق. شارحاً انّ استبدال حقوق السحب الخاصة، بالسيولة النقدية، هو بمثابة الاستدانة لكن بفائدة منخفضة جدّا تبلغ حالياً حوالى 0,05 في المئة ولمدّة زمنية غير محدّدة، حيث انّه لا توجد فترة معيّنة لتسديد المبلغ المستخدم طالما انّ البلد المعنيّ يواظب على تسديد الفائدة المترتبة عليه لصندوق النقد الدولي.

واشار الى انّ التوقف عن تسديد الفوائد يعني اعادة تسديد كامل المبلغ المستخدم من حقوق السحب الخاصة. كما شدّد على ضرورة التزام لبنان في تسديد الفوائد في وقتها المحدّد وعدم التخلّف عن ذلك، خصوصاً انّه قد يسعى للحصول على برنامج إنقاذ مالي من صندوق النقد الدولي، علماً انّ لا علاقة بين حصة لبنان من حقوق السحب الخاصة وبين برامج صندوق النقد الدولي الإنقاذية.

واكّد مسؤول صندوق النقد الدولي، انّ استخدام حقوق السحب الخاصة لكلّ بلد، غير مشروط وغير محدّدة كيفية استخدامه، مبدياً خشيته من ان يتمّ استخدام تلك الاصول في لبنان واستبدالها بالسيولة النقدية الاجنبية لهدرها، على غرار ما حصل بكامل احتياطي مصرف لبنان.

Leave A Reply