الجمعة, أكتوبر 4

فضيحة اللقاحات المغشوشة: التحقيقات تكشف مافيا عائلية

تراجعت القابلة القانونية سيلين زكريا، المتورطة في عملية إعطاء اللقاح المغشوش خارج مركز التلقيح في البترون، عن إفادتها السابقة بحق الدكتور جورج طنوس، المسؤول عن مركز التلقيح في المستشفى، متهمة إياه بداية أنه شاركها بإعطائها اللقاحات المغشوشة. ووثقت اعترافها لدى كاتبة العدل في طرابلس رانيا الراسي مؤكدة أنّ “لا علاقة لرئيس المركز الدكتور جورج طنوس بما حصل لا من قريب ولا من بعيد”.

شبكة علاقات

وكانت شائعات كثيرة سرت حول قضية هذه القابلة القانونية، بأنها ممرضة تعمل في مستشفى البترون، وأنها عمدت بالتواطؤ مع أحد الأطباء على بيع لقاحات مغشوشة، ليتبين أنها “ليست ممرضة ولا تمتّ إلى التمريض بأي صلة”، وفق ما أكدت نقابة الممرضين والممرضات، داعية إلى إجراء تحقيق وتحديد المسؤوليات.

وتبين أن زكريا استخدمت صلاتها السابقة في عملها مع اتحاد بلديات الكورة في بداية جائحة كورونا، ولاحقاً في طرابلس قبل اقفال مركز المعرض، وموقع أخيها الوظيفي في المستشفى، في ارتكاباتها. وأقنعت بعض البلديات أنها تستطيع تأمين لقاحات فايزر مضمونة. وانطلت المسألة على رئيس بلدية أميون، عندما أقنعته زكريا أن ثمة لقاحات لا يأتي المواطنون لتلقيها وبإمكانها نقلها لتلقيح الراغبين.

وخلاف لما راج عن أن زكريا تعمل في بلدية أميون واتحاد بلديات الكورة، نفى رئيس الاتحاد كريم بوكريم لـ”المدن” هذا الأمر، مؤكداً أن زكريا عملت لنحو أربعة أشهر مع الاتحاد في بداية جائحة كورونا، وكانت تنقل عينات لإجراء فحوص كورونا في مستشفى البترون، ثم انتقلت إلى العمل في مركز المعرض في طرابلس، قبل إقفاله، وانقطعت أخبارها. لكنها استخدمت العلاقات التي نسجتها سابقاً عندما بدأت حملة التلقيح، وبدأت تقنع البعض بقدرتها على تأمين اللقاح، وانكشف أمرها بعدما أجرى عدة أشخاص فحوص المناعة وتبين أنها صفر.

التلقيح في الكافيتريا

بعد زج اسمه، رفع الطبيب طنّوس دعوى ضد من لفق التهمة وشوه اسمه، ولإجراء تحقيقٍ جديّ في هذه القضية، مؤكداً أن كل من تلقى اللقاح في المستشفى وعبر المنصة في مأمن، أما من أخذ اللقاح في كافيتريا المستشفى وفي البيوت فعليه إجراء الفحوص. فقد تبين أن زكريا كانت تستعين بشقيقها سيزار زكريا، المسؤول عن مختبر الدم في المستشفى، وكانت تحقن المواطنين بأمصال الماء والملح في كافيتريا المستشفى التي تديرها والدتها، وتقدم خدماتها في البيوت أيضاً. لكن بعد افتضاح أمر زكريا نفت إدارة مستشفى البترون علاقتها بالموضوع مؤكدة أن “جميع اللقاحات التي أُعطيت داخل الخيمة هي قانونية مئة بالمئة، ومُراقبة من الجهات الرسمية وتخضع لكافة شروط وزارة الصحة العامة”.

ودان أمين سر اللجنة الطبية في مستشفى البترون، الدكتور الياس غصن، زج اسم زميلهم غنطوس، مؤكداً لـ”المدن” أن إدارة المستشفى تقوم بالتحقيقات، التي يفترض أن تتوج بالادعاء على زكريا. وأوضح أن جميع اللقاحات التي أعطيت في المركز سليمة وآمنة، داعياً المواطنين الذين تلقوا اللقاح عبر المتهمة إلى إجراء الفحوص وأخذ اللقاح مجدداً.

منعها وأقاربها من دخول المستشفى

من ناحيته دعا اتحاد بلديات البترون “إدارة مستشفى البترون الادّعاء على المتّهمة بإعطاء اللقاحات المغشوشة، والتي باتت معروفة بالاسم والهويّة، وكلّ من له أيّ علاقة معها أو صلة قربى بها واتخاذ قرار بطردهم من حرم المستشفى، ومنعهم من دخوله إلى حين جلاء حقيقة ما حصل وانتهاء التحقيقات واتخاذ الإجراءات اللازمة بحقّ المتورطين”.

وأمل الاتحاد أن تأخذ التحقيقات المنحى الجدّي والصحيح، وأنه سيتابع القضية حتى نهاياتها، وأنه بانتظار القرار الصائب والجريء من إدارة المستشفى، وإلّا سيضطر إلى اتخاذ القرارات الحاسمة والقاسية، بالادّعاء على كلّ من تجرأ وتلاعب وتاجر بصحة وحياة المواطنين الذين وقعوا ضحايا عمليّة الغشّ وملاحقتهم.

البترون آمنة

وأكد رئيس الاتحاد مرسيلينو الحرك لـ”المدن” متابعته للقضية مع إدارة المستشفى بشكل حثيث، مشيراً إلى أنها بدأت بالتحقيق، وأرسلت وزارة الصحة مفتشين لتبيان الحقيقة. ولن يتخذ بحقها ومن عاونها أي دعوى قانونية قبل انتهاء التحقيق وجلاء الحقيقة.

وبخلاف ما شاع عن حقن زكريا مواطنين من البترون بالماء والملح، وأن بعضهم أجرى فحوص المناعة وكشف أمر لقاحاتها المغشوشة، أكد الحرك أنه لم يتبلغ من مواطنين في القضاء أنهم أخذوا اللقاح خارج خيمة المستشفى التي تعطي اللقاحات عبر منصة وزارة الصحة. بل تبين أن ضحايا زكريا كانوا مواطنين من بلدات أخرى مجاورة.

لا خيمة فوق رأس أحد

وعن سبب صدور بيان رسمي يشرح القضية للرأي العام، خصوصاً أن وزارة الصحة بدأت تحقيقاتها منذ يومين، وعما إذا كانت المتورطة محمية من جهة سياسية ما، أكد الحرك أن لا خيمة فوق رأس أحد في هذا الأمر الذي يتعلق بصحة المواطنين، وبسمعة مركز اللقاح الذي أنفق الاتحاد ثمنه من ماله الخاص، لتحصين أبناء المنطقة، وليس كي يأتي أي كان لاستغلال الأمر وإعطاء لقاح مغشوش. بالتالي، في حال حصل أي تلكؤ، كما هو معتاد في لبنان، سيكون لكل حادث حديث.

من جانبها أكدت مصادر وزارة الصحة أنها تجري تحقيقاتها، ولن تكشف عن تفاصيل القضية قبل الانتهاء منها.

المدن

Leave A Reply