الأربعاء, نوفمبر 27
Banner

“ميني حكومة” لإدارة الإنتخابات

عبدالله قمح – ليبانون ديبايت

القضية الآن في مسألة تأليف الحكومة الجديدة يمكن اختصارها على النحو التالي: هل ستكون حكومة برئاسة شخصية مرشّحة للإنتخابات أو لا تكون؟ عملياً، هذا له أن يُحدث فرقاً، وحين يُعثر على الإجابة نمضي إلى المستوى الثاني من النقاش: البحث عن الشخصية.

في الطريق إلى ذلك يبدو أن ثمة نيّة في تسريع جهود التكليف والتأليف في آنٍ معاً ربطاً ببلاغات بعث بها رئيس الحكومة السابق سعد الحريري مفادها أنه لم يعد مرشحاً لتأليف أو لرئاسة حكومة، وذلك لا يِلغى بطبيعة الحال وجود ضرورة ملحة لتأليف حكومة. ما يُمكن التعويل عليه في هذا الصدد أن دولاً مثل فرنسا والولايات المتحدة، تدعو إلى “تأليف حكومة وبشكل سريع” وقد أبلغت رسائل على هذا الوزن إلى بيروت، وهذا إنما يعكس مطلباً غربياً في إنتاج حكومة ضمن ظرف زمني معقول ويوحي، أن لا مشكلة لديه في صنف الحكومة ونوعها شرط اعتماد معايير وجدول أعمال واضح. تفسير هذا التبدل، يمكن قراءته من درجة الإهتمام التي بلغتها تلك الدول حيال مسار الإنتخابات بوصفه مساراً لإدخال تغيير مفترض على طبيعة التركيبة السياسية اللبنانية.

هنا تماماً يُصبح النقاش حيال طبيعة الحكومة (الصيغة – التوزيعة – الحصص.. الخ) محسوماً أو خارج النقاش، رغم أن البعض بات يلمّح أن ما تم التوصل إليه زمن تكليف الحريري (والإشارة إلى حكومة من 24 وزيراً) لم يعد صالحاً للإستخدام طالما أن الظرف ثم طبيعة الحكومة قد تبدلا. بهذا المعنى لا مانع من إنتاج حكومة مصغرة ذات مهمة محددة: الإشراف على الإنتخابات النيابية والمساهمة في كبح الإنهيار بعض الشيء. وكبح الإنهيار بالنسبة إلى هؤلاء المنظرين يبدأ عبر تدشين النقاش مع صندوق النقد وهيئات الإقراض الدولية وما شاكل. وباعتقادهم، هذا له – إلى جانب التأليف السريع للحكومة – ان يُهذّب حركة دولار السوق.

يفترض وعلى هذا النحو، أننا اليوم أمام سيناريو سريع للتكليف والتأليف، ولا يخفى أن الاعدادات جارية. يفترض بهذه الحالة أن تُستغل عطلة العيد من أجل إنضاج المشاورات، ليس فقط حيال سعيد/تعيس الحظ في التسمية، إنما حيال الإتفاق بين الأطراف المؤثرة في العملية السياسية على كامل تركيبة الحكومة. وفي اعتقاد متابعين، أنه وفيما لو دشّن المسار إبتداءاً من الأسبوع المقبل وخلص إلى تفاهمات واضحة، فقد نشهد تأليف حكومة جديدة على مسافة شهرين على الأكثر، في حال صفيت النيات وتقدم النقاش حيال التسمية إلى موقع التقرير، ولتأليف حكومة بشكل سريع أن يُنعش الحالة اللبنانية، إلى حدٍ ما.

وفي الواقع، فإن النقاش حول أسماء البدلاء في التكليف قد بدأ فعلياً منذ أن تقدم الرئيس الحريري باعتذاره عن تأليف الحكومة يوم الخميس الماضي، إذ تولّى كل فريق رمي أسماء من يجده مناسباً عبر الإعلام، وهذا رتّب أجواء معركة “صامتة” في التكليف والتأليف بين محورين: محور يسمّي وآخر يرفض، بمعنى أن من يتولى التسمية قد يدفع الطرف الآخر إلى عدم المشاركة، وهذا ينقلنا إلى تكليف محدود ومحكوم بعشرات النواب لا أكثر.

عملياً، يختلف الوضع في الإستشارات المقبلة عن الوضع الذي ساد حين أبدى الحريري رغبته في العودة خلال الشتاء الماضي. على الطاولة الآن مجموعة أسماء، منها من طرح اسمه كمرشح حقيقي ومن تقصد رميه بهدف إحراقه. وعلى عكس ما يُحكى ويُتداول، فإن الثنائي الشيعي، لا يجد نفعاً في تكرار تجربة حكومة تحت تغطيته، لذا لم يتقدم بعد بأي إسم للتكليف وعلى الأرجح لن يتقدم، و”حزب الله” هنا أبلغ من يعنيهم الأمر سابقاً بأنه لن يطرح أي إسم من خارج بيت الوسط أو يشكل أي إستفزاز لها. لكن خلف الغرف يُحكى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري، يُنسق حالياً مع الرئيس الحريري + رؤساء الحكومات السابقين حول الأسماء. وفي تقدير اوساط متابعة أن الحزب وإن لم يُعلن تأييده لإسم معين، لكنه لن يكون بعيداً عن دائرة التوافق، ولو أن الحريري بدوره ومن خلفه رؤساء الحكومات قد أبدوا سابقاً عدم رغبتهم بالمساهمة في تقديم أي تسمية، وهذا ينقلنا إلى قاعدة فقهية من أن برّي يطرح أسماء من زاوية الوسيط مكتفياً برفعها واستطلاع رأي الأطراف المعنية حولها ومن دون أن تكون له صفة القرار أو إبداء الرأي، وهنا لا بد أن ينمو سؤال حول مصدر تلك التسميات طالما أن بري مجرّد منها.

وفي هذا السياق يُحكى عن احتمال التفاهم على إسم النائب فيصل كرامي، لكن معلومات “ليبانون ديبايت” توحي بالعكس. فـ”الأفندي” غير مستعد للتفريط في موقع نيابي وترشيح مقبل لقاء موقع بدأ يشهد ومنذ الآن مداً وجزراً. وفي حال تم التوافق حول أن الوافد الجديد للسراي يجدر ألا يكون مرشحاً، معنى ذلك أن كرامي خارج دائرة الترشيحات. وفي تقدير أوساط متابعة، أن البحث الراهن ينحصر في البحث عن أشخاص وفق “بروفايل” السفير مصطفى أديب، أي من التكنوقراط. وفي هذا السياق تُرمى عبر الإعلام أسماء كـ”جواد عدرا و سمير حمود و محمد بعاصيري و فؤاد مخزومي و عبد الرحمن البزري وآخرين” من دون أن يبلغ أي منها المرجو بعد.

وعلى صعيد بورصة الأسماء، يعود إسم سفير لبنان السابق في الأمم المتحدة نواف سلام للتداول مجدداً، إذ يبدو أن ثمة جهة ما طرحت الإسم كـ”بالون إختبار”. لكن الطرح شيء والسير به شيء آخر مختلف كلياً، إذ أن القرار بهذه الحالة خاضع لمواقف الأطراف المؤثرة في العملية السياسية، وبمعظمها لا تجد فائدة من تسمية شخص يشكل استفزازاً لمكوّن أساسي ولو أنه تولّى قبل مدة وجيزة خوض محاولة لـ “تحسين صورته” عبر إحدى الشاشات. على الورق، ثمة فرقة “هجينة” على رأسها النائب السابق وليد جنبلاط وتضم ايضاً “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” وبعض مجموعات “الثورة”، تجد مصلحة في السير بسلام. جنبلاط مثلاً، قال في لقاء في عاليه قبل نحو شهر أنه “يسير بنواف سلام. وقد اقترح على سعد الحريري الإعتذار وتجنّب المزيد من إغضاب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والسير بنواف سلام”. هذا يحيلنا إلى وجود “خليط” من الدول العربية والغربية تجد في “بروفايل” نواف سلام صالحاً للإستخدام في وضعنا الحالي… لكن التمنيات شيء والتطبيق شيء آخر مختلف كلياً.

Leave A Reply