سابين عويس – النهار
ليست إلّا أيّام قليلة وينكشف فيها الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فتتظهر النوايا والأهداف الموضوعة للحكومة العتيدة، انطلاقاً من عاملين أساسيين يرتبط أولهما بمدى ثبات موعد الاستشارات النيابية التي حدّدها رئيس الجمهورية يوم الإثنين المقبل، فيما يتصل العامل الثاني بمن سيرشحه تيار الرئيس عبر تكتل “لبنان القوي”. ذلك أن أمام فريق العهد تحديان يؤسّسان لما سيكون عليه مصير الملف الحكومي قبل تقييم موقف تيار “#المستقبل” وكتلته النيابية.
ففي ظل تردّد معلومات عن إمكان لجوء رئيس الجمهورية إلى تأجيل الاستشارات لأسباب “مبررة”، تقول مراجع سياسية لـ”النهار” أن الدستور واضح ولا ينصّ على أيّ “تبريرات” تسمح بالتأجيل، سيّما في ظلّ التدهور المتمادي في الأوضاع على كلّ الصعد. وفي رأيها ان أيّ تأجيل سيؤكّد أنّ العهد ومن يقف وراءه لا يريدان حكومة. من هنا تؤكّد المراجع أنّ على رئيس الجمهورية أن يستدرك بأن لا مصلحة لديه في التأجيل، كما لا مصلحة لديه باستفزاز الطائفة السنية عبر الذهاب إلى ترشيح شخصيات لا تحظى برضى الطائفة قيادات سياسية وروحية وقاعدة شعبية.
وعليه، يبدو واضحاً من حركة الاتّصالات والمشاورات الجارية على قلتها بسبب عطلة #الأضحى، أن تلك الحركة تتوزع على محورين، أحدهما على خط بيت الوسط- عين التينة بما تمثله مع حارة حريك، والآخر على خط بعبدا ميرنا الشالوحي.
على الخط الأول يجري السعي الى التوافق على تسمية مرشح يحظى بمباركة سعد #الحريري بحيث يأتي من عباءة الطائفة وليس تحدياً لها كما سيحصل من خلال الأسماء التي يقترحها زعيم “#التيار الوطني الحر” #جبران باسيل.
من جانب الحريري، بات الرجل اكثر اقتناعاً بتبني ترشيح الرئيس الأسبق للحكومة نجيب ميقاتي، ولكن دون ذلك شرط أساسي لا يتعلق بميقاتي نفسه وإنّما بتسهيل مهمته وتعبيد طريقه وحماية صلاحيات الرئاسة الثالثة، وذلك من خلال اشتراط أن تؤدّي التسمية إلى تسهيل التكليف والتأليف وعدم تعريض الرجل للشروط التعجيزية عينها التي تعرض لها الحريري، نظراً إلى ما سيرتبه هكذا تعطيل من مخاطر على الميثاقية السنية في الترشيح والتسمية وممارسة الصلاحيات. وهذه عملياً الأسباب الجوهرية التي تجعل ميقاتي نفسه متريثاً ومتردداً في قبل التكليف.
يدرك هذا المحور ما يخطط له الفريق الآخر من اقتراحات لمرشحين يجهدون لتأمين ميثاقية لترشيحهم ليس داخل الطائفة محلياً وانما على الامتداد السني الخارجي، علماً ان بعض الاسماء تراهن على ان المودة السعودية التي حظيت يمكن ان تفتح اماما أبواب السرايا، فيما يرى مراقبون ان تلك المودة الى جانب صدقها في التعاطي باحترام مع هذه الشخصيات الا انها ترمي في الغالب الى تحجيم الحريري وإنزالها عن صهوة الزعامة السنية.
ولعلّ هذا ما سيدفع الحريري إلى ترشيح ميقاتي وذلك من أجل قطع الطريق أمام فريق العهد من شرذمة الصف السني عبر إطلاق الوعود لأكثر من شخصية، كما حصل قبل ذلك مع طرح ترشيحات لشخصيات مثل فيصل كرامي أو فؤاد مخزومي أو سمير الخطيب أو نواف سلام أو جواد عدرا، وغيرهم من الاسماء المطروحة في التداول.
على أي حال، لا يزال من المبكر الحسم رغم أن أجواء بيت الوسط وعين التينة ومن تمثل يتقاطعان على ترشيح ميقاتي، في انتظار أجوبة على بعض الأسئلة المطروحة وأهمّها هل نضجت فعلاً ظروف تشكيل حكومة وهل الحزب يريد فعلاً ذلك، وهل اقتنع سيد بعبدا بأن التزام الدستور يجب ألّا ينزع صلاحيات التأليف من يد الرئيس المكلّف؟
عندما تنضج الأجوبة على هذه الأسئلة يصبح التكهن باسم الرئيس المكلّف أكثر سهولة وفهماً لدور حكومته ومهماتها!