جاء في صحيفة النهار : لا يبدو من المغالاة القول إنّ الأسبوع الطالع يتسم بأهمية استثنائية اذ سيكون أسبوع إحياء الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت في يوم حداد وطني وتحركات شعبية وقداس احتفالي يوم الأربعاء المقبل كما أنّ مسار تاليف الحكومة قد يكون أمام أيام مفصلية. ذلك أنّ الاستعدادات الجارية لإحياء ذكرى 4 آب ستوجّه الأنظار باتجاه طبيعة التداعيات التي يتركها التحرك الشعبي في حين تتفاعل مسالة رفع الحصانات السياسية والأمنية والنقابية والإدارية في سياق التحقيق القضائي العدلي الجاري والذي يتوقع أن ينتقل بعد هذه المحطة الى مرحلة تقريرية حاسمة. وفيما ترصد على المستوى الخارجي النتائج المتوقعة لمؤتمر الدعم الدولى الثالث الذي تنظمه فرنسا في يوم الذكرى أيضاً، أثيرت تساؤلات كثيفة عن المشاركة الخليجية في المؤتمر ولا سيما منها المشاركة السعودية التي ستكون لها دلالات قوية سواء شاركت أم لم تشارك وارتباط هذا الأمر بالموقف السعودي من الرئيس المكلف والواقع الحكومي الجديد في حال تشكيل الحكومة.
وتتزامن هذه المحطات مع تفاقم الازمات المعيشية والخدماتية بشكل غير مسبوق، إذ باتت البلاد تحت وطأة عتمة شاملة هددت بها مؤسسة “كهرباء لبنان”، فيما اختفت مادة المازوت تماماً بما يُهدّد بتوقف شامل للمولدات. ولذا تكتسب المعطيات المتصلة بالملف الحكومي دلالات مفصلية في اليومين الأولين من الأسبوع الطالع. وذكرت معلومات أنّ الرئيس المكلف نجيب ميقاتي سيُكثّف اتصالاته بعيدا من الاضواء مع كل من رؤساء الحكومات السابقين وعين التينة، لمحاولة إيجاد مخارج لعقدة الداخلية التي يتمسّك بها الرئيس ميشال عون في مقابل موافقته على إبقاء المال مع الثنائي الشيعي. وبينما سيسعى إلى طرح شخصية حيادية لهذه الوزارة على أن تبقى من حصة السنّة، من غير المعروف ما إذا كانت بعبدا سترضى بهذا المخرج. أما في وزارة العدل، فيريد القصر حسب هذه المعلومات أيضاً أن تكون له الكلمة الفصل في اختيار وزيرها وأن تكون من حصة المسيحيين. الفريق الرئاسي بدوره، يكثّف اتصالاته لتحديد موقفه من التركيبة التي سيحملها ميقاتي الى بعبدا الاثنين. واذا تم التوافق على حل وسط فانه سيؤشر الى امكان ولادة حكومة. أما تركُ النقطة عالقة والانتقال إلى حقائب غير سيادية للتركيز على توزيعها، بعيداً من الوزارات الحساسة، فسيعني أنّ التعقيدات على حالها.
وفي غضون ذلك، تُنظّم باريس والأمم المتحدة مؤتمراً دوليّاً لدعم لبنان الأربعاء في الذكرى السنوية الاولى ل انفجار المرفأ، والذي سيشارك فيه رئيسا فرنسا والولايات المتحدة.
وقد رحّبت الولايات المتحدة بقرار الاتحاد الأوروبي بإقرار الإطار القانوني لفرض عقوبات على قادة لبنانيين مسؤولين عن التعطيل السياسي في لبنان، لافتةً إلى أهمية “استخدام هذه الأداة المهمّة لمحاسبة المسؤولين حول العالم”. وقال وزيرا الخارجية أنتوني بلينكن والخزانة جانيت يلين، في بيان مشترك، إنّ “العقوبات تهدف، من بين أمور أخرى، إلى فرض تغييرات في السلوك ومحاسبة القادة الفاسدين”، مبديين استعدادهما للتعاون مع الاتّحاد الأوروبي بشأن الملفّ اللبناني.
وعشية الأول من آب، كانت للمسؤولين مواقف متعاطفة مع الجيش في عيده وقد غاب تقليد تسليم السيوف إلى الضباط الخريجين بسبب كورونا للسنة الثانية. وقال رئيس الجمهورية ميشال عون: “اليوم، برغم الظروف الاقتصادية والمالية القاسية، وما يواجهه اللبنانيون ومنهم أفراد المؤسسة العسكرية، من تحديات حياتية شديدة الصعوبة، يشعر الجميع أن الجيش ما زال يشكل الضمانة الأكيدة للاستقرار والوحدة الوطنية، برغم معاناة العسكريين من اشتداد الضائقة المالية عليهم، والتي نأمل أن نشهد في القريب العاجل بداية انحسارها، مع تشكيل حكومة انقاذ يتطلع اللبنانيون اليها كخشبة خلاص من انسداد أبواب الحلول في وجوههم”.
وتوجّه عون إلى العسكريين بالقول: “لم تترددوا يوماً في تلبية نداء الواجب، أينما كنتم وانتشرتم في البقاع اللبنانية. ومهما ثقلت أحمالكم اليوم، لي ثقة كبيرة بأنكم ستظلون العين الساهرة على الوطن، والصدر الذي يحمي الحريات، والمؤسسات، واسس الدولة الديمقراطية التي يجتمع في كنفها اللبنانيون من مختلف الطوائف والمذاهب، والتي نصَّ عليها الدستور، وأوكل اليكم مهمة الدفاع عنها. وأعاهدكم بأن ابذل كل جهدي، لتبقى كراماتكم محفوظة، وحقوقكم مصانة، ولتقدم لكم السلطة السياسية الرعاية التي تستحقونها. ويشكل التزام المجتمع الدولي، وخصوصا في الفترة الأخيرة، بدعم مؤسسة الجيش، علامة ثابتة على ثقته بدوركم في حماية الكيان اللبناني ومؤسساته الدستورية”.
و قال رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي اتصل بقائد الجيش جوزف عون مهنئاً: “اليوم في ظل قساوة الظروف والمخاطر والتحديات التي تُحدِق بلبنان واللبنانيين على مختلف المستويات، مدعوون في عيد هذه المؤسسة الوطنية الجامعة كقوى سياسية وجماعات وأفراد الى الإقتداء بمناقبية الجيش قيادة وضباطاً وافراداً وإلى البذل والتضحية من أجل الوطن وليس التضحية بالوطن من أجل مصالح شخصية وفردية ضيقة”. وأضاف أنّه “دائماً نعيد ونكرّر من لا يفهم لغة جيشه لن يفهم لغة وطنه. فليقرأ الجميع في كتاب الجيش دروس التضحية والوحدة والانتماء من أجل إنقاذ لبنان كي يبقى وطناً نهائياً لجميع أبنائه”.
من جهته، أمل الرئيس ميقاتي أن “تزول الغيمة السوداء عن لبنان، فيشعر اللبنانيون بالامان في حماية جيشهم ورعايته، وأن يبقى الجيش، رغم الظروف الصعبة التي يمر بها، صامداً وشامخاً كأرز الوطن. كل عيد وجيشنا بألف خير”.