جاء في صحيفة ” النهار ” : لعل أسوأ أقدار اللبنانيين تتجسد امامهم حين تغدو شائعات السؤ حقيقة كأن هناك من يهئ النفوس لساعة الشر . هذا ما ينطبق تماما على الاستفاقة المشبوهة ، بل الإيقاظ المشبوه ، لفتنة اطلت برأسها في #خلدة في الثماني والأربعين ساعة الماضية بداية مع جريمة ثأرية ومن ثم في موكب تشييع الضحية لتتحول منطقة خلدة الاوزاعي الى مشروع جبهة قتالية حربية في غضون ساعات . ما بين #العشائر العربية في خلدة وانصار “#حزب الله” وعناصره في الاوزاعي وسقوط قتيلين وعدد من الجرحى في الكمين والاشتباكات ، فجأة اهتز لبنان بأسره مخافة ان تكون البلاد التي دمر أجزاء واسعة من عاصمتها عصف انفجار مرعب مزلزل قبل سنة تماما امام فتنة مشبوهة عشية احياء #الذكرى الأولى لانفجار 4 آب الذي سبقته منذ أسابيع موجة شائعات مدروسة او منظمة راحت تتخوف من احداث امنية في هذه الذكرى . اذ ان الكثير من مجريات الاشتباكات التي اندلعت بين موكب تشييع علي شبلي ومسلحين في خلدة والانتشار المسلح الواسع الذي ترامت مظاهره على امتداد خلدة والاوزاعي أوحت بخطورة عالية للغاية لما يمكن ان يؤدي اليه هذا الاهتزاز الأمني البالغ الخطورة عشية الرابع من آب . حتى ان الشبهات تجاوزت التركيز على تزامن مشروع الفتنة المشبوهة هذا مع ذكرى 4 آب ليثير كما كبيرا من الشكوك والتساؤلات المريبة عما اذا كان ثمة ما يخطط لإطاحة الاستقرار الأمني برمته . ولكن من باب التدقيق في تفاصيل ما فتح الطريق للمتربصين بأمن البلاد طرحت تساؤلات وملاحظات على جانب من الأهمية والخطورة ومنها لماذا لم يستبق موكب التشييع باجراءات امنية صارمة استباقية ما دامت أجواء التوتر الشديد سادت منذ حادث قتل شبلي ليل السبت ؟ ثم الأخطر هل يراد من بث أجواء الاستنفارات الأمنية والمذهبية والمسلحة ان يطاح بالمناخات السياسية ولا سيما منها المحاولة الجارية ل#تشكيل الحكومة ، وتاليا هل يرد على هذا الاستهداف المشبوه باستعجال تجاوز مطبات التاليف ام الاستسلام للاستهداف ؟
وقد تسارعت الاتصالات السياسية والأمنية من أجل تطويق ذيول حوادث خلدة، ووضع حد للإشتباكات التي شهدتها المنطقة، في أعقاب مقتل أحد المناصرين المعروفين لـ”حزب الله” علي شبلي برصاص شقيق الفتى حسن غصن الذي قتل في إطلاق نار في المنطقة نفسها قبل حوالى سنة، وهو من العشائر العربية.
وفي تطور لافت غداة الحادث ، تعرض موكب تشييع علي شبلي بينما كان متوجهاً الى منزله في خلدة، لإطلاق نار أعقبه اشتباك استخدمت فيه أسلحة رشاشة وقذائف صاروخية، مما أدى الى سقوط قتلى وجرحى، وأثار حالة توتر وهلع بين السكان وجعل المرور على الأوتوستراد بالغ الحذر.
وعلى الأثر استقدم الجيش تعزيزات كثيفة إضافية وخصوصا الى محيط “سنتر شبلي”، كذلك انتشرت قوة من المغاوير وعددا كبيرا من الملالات والدبابات في أنحاء خلدة، وأقامت حواجز سيارة.
وأصدرت مديرية التوجيه في قيادة الجيش بياناً حذرت فيه من أنها سوف تعمد إلى إطلاق النار في اتجاه كل مسلح يتواجد على الطريق في منطقة خلدة، وكل من يقدم على إطلاق النار من أي مكان آخر .
وأصدر “حزب الله” بياناً أهاب فيه بالأجهزة الأمنية والقضائية “التصدي الحازم لمحاسبة الجناة والمشاركين معهم، اضافة الى ملاحقة المحرضين الذين أدمنوا النفخ في أبواق الفتنة واشتهروا بقطع الطرق وإهانة المواطنين”.
كذلك أصدر “اتحاد أبناء العشائر العربية” في لبنان توجه فيه الى قيادة “حزب الله” مؤكدا بأنه “لا يزال لدينا الوقت لتفويت الفرصة ووأد الفتنة والاحتكام الى لغة العقل والقانون”، مشدداً على “التحلي بالصبر وايقاف الفتنة في ظل الظروف الراهنة”.
مناخات سلبية
في أي حال ولو امكن احتواء تداعيات هذا الخرق الخطير فان المناخات السلبية لم تغب عن مجمل الأجواء السائدة عشية ذكرى 4 آب سواء في المقاربات الخارجية للبنان من زواية هذه الذكرى ام من جهة تراجع الامال والرهانات على تأليف سريع للحكومة . ومن المؤشرات السلبية الخارجية التي تتزامن مع احياء ذكرى 4 آب ان تقريرا جديدا صادرا عن الأمم المتحدة توقع أن تؤدّي النزاعات والظروف المناخية المتطرفة والصدمات الاقتصادية، إلى ارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد في 23 بؤرة ساخنة للجوع في العالم ادرج من بينها لبنان . ومعلوم ان فرنسا تنظم غدا مؤتمرا دوليا ثالثا لدعم لبنان وكانت ثمة امال فرنسية في تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة قبل انعقاد المؤتمر .
وبحسب صحيفة “الغارديان”، فإن لبنان في ذكرى الانفجار لا يزال “مشلولا ومنكوبا”، بينما لا تزال التحقيقات بالأمر غير واضحة، وبات المتورطون في موقع بعيد عن المساءلة أكثر من أي وقت مضى. وتقول الصحيفة إن الأسوأ من ذلك بالنسبة للبنانيين كان إهمال زعماء لبنان لملف المساعدات الدولية التي تم التعهد بها لإنقاذ لبنان من الدمار، والتي يترتب على الحصول عليها بعض الشروط الواضحة. ووصفت الصحيفة الزعماء المحليين بأنهم ”يفضلون الامتيازات الضيقة التي تدفقت إليهم من نظام مشلول على خطة إنقاذ عالمية من الممكن أن تنقذ البلاد”.
وسط هذه الأجواء يعقد اليوم اللقاء الرابع بين الرئيس المكلف نجيب #ميقاتي ورئيس الجمهورية ميشال #عون في سياق محاولات انهاء مرحلة توزيع الحقائب على الطوائف والمذاهب والتوصل الى حل لعقدتي حقيبتي الداخلية والعدل لتبدأ مرحلة اسقاط الاسماء على الحقائب.
اللقاء الرابع
ومع ان ثمة اوساطا كانت تراهن على مفاجأة من شأنها ان تستولد الحكومة الجديدة عشية الرابع من آب فان هذه الرهانات انحسرت الى حدود بعيدة بعدما تبين ان حل عقدتي الداخلية والعدل وتسمية الوزيرين المسيحيين عادتا فعلا الى المربع الذي انتهت معه اجتماعات عون والرئيس سعد الحريري الى الفشل . ونفت أوساط مطلعة في هذا السياق كل ما تردد عن تدخل فرنسا بطرح أسماء مرشحين لتولي وزارات معينة .
وأوضحت اوساط قريبة من مشاورات التشكيل ان الرئيس ميقاتي يعتمد طريقة التشاورفي تأليف الحكومة يعني الاتفاق على دور ومهمة الحكومة والتشارك يعني الاتفاق على اختيار اسماء الوزراء من القادرين على تنفيذ الاصلاحات، يوحون بالثقة للداخل والخارج ويعطون مصداقية وجدية، خصوصا الرئيس ايمانويل ماكرون الذي يترأس في 4 اب مؤتمرا دوليا لمساعدة لبنان، اعلن الرئيس الاميركي جو بايدن عن مشاركته فيه وكانت اوساط دبلوماسية تراهن على مفاجأة تشكيل الحكومة قبل موعد المؤتمر كخطوة تعزز الافادة من الزخم الدولي للمساعدة. ولكن لا يبدو ان هذا الرهان يحظى بفرصة جدية خلال الساعات المقبلة المتبقية قبل ذكرى الرابع من اب .
وفي غضون ذلك قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي : “سنة مضت ونحن ننتظر الحقيقة ونتيجة عمل القضاء الذي من واجبه أن يقدم بشجاعة ومن دون خوف من تهديد، أو وعيد، أو ترغيب مباشر، أو غير مباشر. لا يجوز لمسار التحقيق أن يقف عند حاجز السياسة والحصانات. يجب أن تلتقي شجاعة الشهادة وشجاعة القضاء لنصل إلى الحقيقة. إن عرقلة سير التحقيق اليوم يكشف لماذا رفض من بيدهم القرار التحقيق الدولي بالأمس، ذلك أن التحقيق الدولي لا يعترف بالعوائق والحجج المحلية. فكما نريد الحقيقة نريد أيضا حكومة تتم بالإتفاق بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية وفقا لنص الدستور وروحه، ولميثاق الشراكة المتساوية والمتوازنة، وبموجب الضمير الوطني. كما جرت العادة مذ كانت دولة لبنان الكبير، قبل اتفاق الطائف وبعده. ونترقب أن تتم ترجمة الأجواء الإيجابية المنبعثة من المشاورات بين رئيس الحكومة المكلف ورئيس الجمهورية بإعلان حكومة جديدة يطلان بها على الشعب والعالم. لا يجوز أن يبقى منصب رئاسة مجلس الوزراء شاغرا. ولا يجب أن يبقى العهد في مرحلته النهائية بدون حكومة. لم يعد الوضع يحتمل انتظار أشهر أو أسابيع ولا حتى أيام.”.