باتريسيا جلاد – نداء الوطن
سنة مرّت على زلزال “بيروتشيما” الذي دمر العاصمة بيروت، وقضى على الحجر والبشر. فهذه الكارثة تركت جروحات لم ولن تندمل، نظراً لتداعيات وقع الإنفجار النفسية والجسدية والمادية جراء المشاهد المدمية حيث خسر فيها اللبنانيون أحباءهم وفلذات أكبادهم وأرزاقهم ومحالهم. ورغم فظاعة تلك الجريمة، لم تصدر لغاية اليوم نتائج التحقيقات الرسمية حول نوع وسبب الإنفجار، ما دفع ببعض شركات التأمين الى التقاعس عن تسديد التعويضات التأمينية للخسائر المقدّرة بقيمة 953 مليون دولار، فيما سدد البعض الآخر جزءاً ضئيلاً منها بلغ نحو127 مليون دولار (محتسبة على سعر 1500 ليرة للدولار الواحد).
أكان انفجار مرفأ بيروت ناجماً عن حادث عادي أو عمل حربي أو إرهابي، فإنه صنّف ثالث اكبر انفجار في العالم نظراً الى الأضرار الجسيمة التي خلّفها والتي قدّرت بـ 5 مليارات دولار من دون احتساب كلفة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية العامة لا سيما مباني المرفأ والطرقات…
طبعاً عدد كبير من المباني والمحال التجارية والسيارات التي دمّرت جرّاء الإنفجار كانت مضمونة لدى شركات تأمين خاصة. وكردّة فعل أولية نظراً الى هول الكارثة تقاعست شركات التأمين عن تسديد قيمة الأضرار بانتظار التقرير الرسمي الذي بدأه المحقق العدلي القاضي فادي صوّان ويتابعه اليوم القاضي طارق البيطار.
إلا أن الضغوطات التي مورست على شركات التأمين من قبل غرفة تجارة بيروت والهيئات الإقتصادية، دفعت الشركات التي تخضع لوصاية وزارة الإقتصاد الى الشروع في التعويض ولو كانت من خلال الشيكات أو التسديد بالليرة اللبنانية في البداية. ولكن في ما بعد توسّعت رقعة تسديد التعويضات حتى أنها كما أوضح رئيس جمعية شركات الضمان في لبنان إيلي نسناس لـ”نداء الوطن”، “تمكنت من التعويض على كافة مضموني السيارات الذين لديهم بوليصة تضمن كافة المخاطر All risks”. ويأتي ذلك، كما أكّد نسناس مقابل “إمكانية شركات التأمين إسترجاع التغطية المسدّدة من قبلهم من المضمونين في حال اثبتت التحقيقات أن الإنفجار ناجم عن عمل تخريبي أو حربي، وبوليصة التأمين التي يحملها المضمون لا تشمل تلك التغطية”. أما قيمة التعويضات فقال إن “الشركات بدأت بالتعويض عن الخسائر لغاية 25 و50 ألف دولار كمرحلة أولى”.
ويوضح أنّ “غالبية شركات التأمين باشرت التعويض على متضرري المرفأ ضمن السقف المحدَّد، لكن هناك شركات تأمين كثيرة فضّلت الانتظار”. وأضاف: “صحيح أنّ الشركات كانت تنتظرصدور نتائج التحقيق، إلّا أنها بدأت بالتوازي بتسديد الأضرار وهناك من المضمونين من لديهم بوليصتا تأمين وهم قلّة، واحدة للحوادث العادية، وأخرى تغطي أخطار الحرب والشغب، ويتم التعويض على هؤلاء، إذ مهما كانت نتيجة التحقيق سيتقاضون التعويض”.
تفاصيل التعويضات
وفي تفاصيل التعويضات التي سدّدت، لفت نسناس بالنسبة الى السيارات تم إصلاح نسبة 90% منها للذين يحملون بوليصة جميع المخاطر، كما تمّ التعويض على بوالص الاستشفاء وبعض حوادث الحياة.
الشقّ الثاني من التعويضات التي تطاول الممتلكات أي الأضرار التي لحقت بالمباني والمنازل والمحال التجارية، استغرق التسديد من الشركات بعض الوقت وخصوصاً لتلك التي لحقت بها أضرار كبيرة، والتعويض عليها وصل الى القيمة المذكورة سابقاً والتي تصل الى 25 و 50 ألف دولار”.
وحول مستحقات شركات التأمين الى المعيدين، أوضح أنه “من المعلوم أنه منذ الفصل الثالث من العام 2019، لم تستطع شركات التأمين المحلية تسديد مستحقاتها الى معيدي التأمين بسبب وقف التحويلات وتطبيق “الكابيتال كونترول”. من هنا سيحسم المعيدون تلك المستحقات من التعويضات التي يسددونها لأضرار المرفأ”.
تبقى قيمة احتفاظ الشركات التي يترتب عليها قسم من المخاطر، والتي حصلت عليها وقتها من المضمونين بـ”اللولار” أو بالليرة اللبنانية، تلك ستسدّد اليوم باللولار او بالليرة اللبنانية أي بالطريقة نفسها التي دفعتها. وتتفاوت نسب التعويضات التي ستسدد وفق تلك الطريقة بين شركة وأخرى لذلك لا يوجد قاعدة معينة تتماشى مع كل الشركات”.
وأمل نسناس صدور نتائج التقرير الرسمي الذي يحدّد نوعية الحادث للتمكن من تحديد المستفيدين من التعويضات، علماً أن قيمة الأضرار التي لم تغطّ لغاية اليوم من قبل شركات التأمين تبلغ نحو 827 مليون دولار أميركي.
طريقة الدفع
تبقى وسيلة الدفع والتي كانت محطّ جدل حول ضرورة تسديدها “فريش دولار” كما تحصل عليها الشركات من معيدي التأمين، بالنسبة الى ذلك الموضوع قال نسناس “إن طريقة التسديد تعدّدت بين شيك لولار وبالليرة اللبنانية و”فريش دولار لقسم كبير من الأضرار”، وقد فاقت وسيلة الدفع الأخيرة كما علمت “نداء الوطن” نحو نصف القيمة المستحقة بالدولار النقدي.
لكن رغم إقدام شركات التأمين على التسديد، تبقى القيمة خجولة جداً أمام هول الكارثة وحجم الأضرار البالغة خصوصاً في ظلّ الأزمة الإقتصادية والمالية التي نتخبّط بها وارتفاع الدولار الى رقم قياسي تخطى فيه اليوم عتبة الـ22 ألفاً.
قيمة الأضرار التأمينية والتغطيات المسدّدة والحسابات المعلّقة عدد بوالص التأمين المطالب بها 16,423 طلباً الخسائر التأمينية المقدّرة 1,429,726 مليون ليرة لبنانية الحسابات المسدّدة لغاية نهاية حزيران190,717 مليار ليرة لبنانية الحسابات المعلّقة 1.239,009 مليون ليرة لبنانية (إحصاءات لجنة مراقبة هيئات الضمان الصادر في نهاية حزيران).