الأحد, نوفمبر 24
Banner

ماذا لو نفد مخزون ميقاتي من الصبر وقرر العزوف؟

ابراهيم بيرم – النهار

اسبوع تلو اسبوع ومشهد التاليف الحكومي يكرر نفسه، يصعد الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الى قصر بعبدا في زيارات مكثفة ومتقاربة ومن ثم يخرج من الاجتماع مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ليطلق من على منبر القصر الاعلامي مواقف يمتزج في طياتها الايجابية الخفيفة التي تكاد لاترى بالالتباس والغموض.

فهو (ميقاتي) يعلي الصوت محذرا من ان سقف التفاوض الذي وضعه لنفسه لبلوغ غاية التاليف ليس بالضرورة مفتوحا، وتارة يعلن انه ما تصدى لهذه المهمة الشاقة الابعدما وضع نصب عينيه بلوغ النهاية المرتجاة وانه لم يلزم نفسه خلافا لكل ما يقال بمهلة زمنية.

وبين هذا الموقف وذاك تفلت من لسان ميقاتي ما يوحي بان ثمة تقدما ما قد طرا وتحقق ويبقى الحديث في هذا الاطار في العموميات الغامضة من دون حدود وتوضيحات من شانها ان تشفي غليل العطاش الى رؤية حكومة تولد بين لحظة واخرى تملأ الفراغ القاتل.

ولكن طرا على المشهد الروتيني اياه عصر الجمعة الماضي (اخر لقاء بين الرئيسين) تطور لايبعث على الاطمئنان.فعندما عاد الرئيس المكلف من لقائه السابع في بعبدا الى قواعد انطلاقه في وسط بيروت (في مكتبه ومنزله ) شاء ان يخرج عن حدود تحفظه وكتمانه المعهودين ليبلغ زواره الموثوقين بصراحة ان اي تقدم نوعي في الجوهر لم يتحقق وان الحديث ما انفك يدور لحد الان في العموميات، وان ما حصل استطرادا هو تقدم في الشكل ليس الا.

ولكن ما لم يفصح ميقاتي عنه بلسانه وقاله بعض من هم على مقربة منه هو انه ينطلق شخصيا في جولات التفاوض والحوار التي يجريها اسبوعيا وتنطلق عنده من قاعدتين الاولى تصميمه على المضي قدما في رحلة التفاوض والتحاور ضمن حدود المعقول والممكن واستتباعا ضمن مهلة زمنية ليست موصدة وضعتها بيني وبين نفسي وهي قابلة للتعديل في ضوء النتائج والاستنتاجات.

والثانية اقتناعه ان الرئيس عون يتعامل لحد الان مع المسالة بمرونة وانسيابية معقولة ومبشرة على نحو يستشف منه بانه يضمر رغبة بالوصول الى التفاهم على صيغة حكومية تقيه الظهور بمظهر المعرقل او المتعامل بسلبية مع فرصة جديدة للولادة الحكومية لاحت بوادرها في الاونة الاخيرة لادراكه بسلبيات ذلك ومخاطره.

وعليه لم يكن مفاجئا ان تسارع مصادر الرئاسة الاولى بعيد كل لقاء الى بث مناخات تنطوي على ايجابية ما وتحرص على بث وعود ما تبقي خيط الامل موصولا عند المتابعين والمنتظرين وفي الجهة المقابلة يبدو حزب الله الذي يكتفي بدور الراصد المنتظر اسوة بالطرف الثاني من الثنائي اي حركة “امل”، كأنه يقيم على تقييم ضمني لايحبذ المجاهرة به فحواه الاتي : ان اي تطور طارىء ايجابي يعتد به ويبنى عليه كمؤشر انفراجي للاسف لم يحصل.

ويشبه احد نواب الحزب في مجلس خاص عملية التحاور والتفاوض الجارية بزخم ملحوظ بانه عبارة عن اثنين قررا ان يصبرا على بعضهما البعض قدر ما يمكنهما الصبر.

ويذهب النائب اياه الى حدود القول : ما لم نشهد خلال وقت معين قوة دفع خارجية استثنائية فلا شىء يحول دون ان يقرر ميقاتي في لحظة ما ان يمضي نحو العزوف والاعتكاف وهو ما يعني البقاء في دائرة المراوحة في اطار الوضع الحالي المعروف تفاصيله مع حكومة تصريف الاعمال الى يوم الانتخابات النيابية المقررة.

هذا المعطى الداكن يقابله جديد لافت وهو ظهور بوادر تباين تتبدى معالمه يوما بعد يوم في داخل التيار الوطني الحر حيال مسار التاليف.

ففيما يظل رئيس التيار النائب جبران باسيل على موقفه المغلف تماما بالسلبية حيال موضوع التاليف والمشاركة واعطاء الثقة عندما تحين ساعتها في مجلس النواب فان ثمة اصواتا من داخل الكتلة النيابية للتيار بدات ترتفع اكثر من ذي قبل بالاعتراض على اداء قيادة التيار وتفاعلها السلبي مع موضوع التكليف والتاليف لدرجة ان بعض هؤلاء تحدثوا عن مفاجات يعد لها سيد بعبدا بعيدا عن الانظار بغية السير فعليا بحكومة برئاسة ميقاتي وهي قد تتبدى بين لحظة او اخرى.

واذا كان البعض يرى بان ذلك يجسد رغبات مكتومة لدى بعض هذا التيار فان هؤلاء يتحدث علانية عن اعجاب يبديه الرئيس عون باداء ميقاتي ومرونته مما يعزز فرضية فرصة التاليف التي ينشدها الجميع.

وفي الموازاة برز من داخل التيار من يطلق جرس التحذير من مغبة ما ستؤول اليه الاوضاع في حال نفذ مخزون الصبر عند ميقاتي وقرر الالتحاق بسلفه الرئيس سعد الحريري الى مربع العزوف.

ومع ان مسار التاليف ما برح متواصلا فان ثمة من بدا يطرح سؤالا دراميا فحواه ماذا ان حانت لحظة عزوف ميقاتي المؤيد كما هو معلوم بدعم فرنسي محدود زمنيا (3 اشهر وفق المتصلين بدوائر الاليزيه )؟

الثابت حسب تصريح احد نواب سنة 8اذار ان اي شخصية سنية مهما كان انتماؤها لن يكون بمقدورها التصدي لمهمة التكليف والتاليف مع العهد الحالي ان خرج فعلا ميقاتي من مهمته الحالية، وهذا يستبطن احتمال سلوك جماعي ستسلكه الطائفة السنية يقود الى قرار يشبه حد الحرم بمقاطعة اي استشارات ملزمة او غير ملزمة اي انه سيكون هناك نوع من اعتصام واضراب سياسي عام.

ويضيف النائب اياه: الامر ليس تهويلا وتضخيما ومبالغة بل هو مبني على وقائع ومعطيات تتجمع وتتقاطع لدينا يوما بعد يوم.

وعليه يستنتج النائب اياه بان فرصة التعاون والتنسيق لاستيلاد حكومة برئاسة ميقاتي تبدو فرصة ذهبية للجميع من دون استثناء.

وفي كل الاحوال فان قوى8 اذار المعنية صارت تضع جديا في حسابها ان الفراغ الحاصل حاليا على مستوى السلطة التنفيذية مقصود بعينه بغية دفع الامور نحو منزلق التفلت والتدهور الامني عبر بؤر توتر تبدت نماذجها في الاونة الاخيرة في مناطق عدة.واذا كان ثمة ثقة بقدرة الاجهزة الامنية على الضبط والربط فالخوف يبقى من الابعاد السياسية والمجتمعية والتداعيات المحتملة لمثل هذه الاحداث والبؤر.

Leave A Reply