وصلت أزمة المحروقات إلى ذروتها في عطلة نهاية الأسبوع، بعد أن أعلن نقيب المستشفيات الخاصّة سليمان هارون أنّ نحو 6 مستشفيات أبلغته أنها قد تُضطَر إلى التوقف عن العمل في غضون ساعات، إن لم تؤمَّن الكميات اللازمة من المازوت. انعكس النقص الحادّ في المحروقات على جميع القطاعات ومنها الأفران، التي عليها تأمين الطاقة الكهربائية رغم ساعات التقنين الطويلة من مؤسسة كهرباء لبنان، ومن أصحاب المولّدات الخاصّة، بالإضافة إلى أنّ الأفران الكبرى تعتمد على نفسها في توليد الطاقة خلال التقنين الرسمي من مؤسسة الكهرباء.
موضوع رفع الدعم عن المحروقات مطروح منذ مدّة. وأكّده وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر، في وقت سابق من المجلس النيابي. لكنّ الأجواء التي سادت في الساعات الأخيرة أوحت بأنّ الدعم سيرفع اليوم عن البنزين والمازوت. وصدر لاحقاً عن المكتب الإعلامي لنائب رئيس مجلس الوزراء، ووزيرة الدفاع، ووزيرة الخارجية والمغتربين بالوكالة في حكومة تصريف الأعمال زينة عكر، بياناً أكّدوا فيه أنّ جلسة اليوم مع حاكم مصرف لبنان ووزيرَي الطاقة والاقتصاد، هدفها البحث في البطاقة التمويلية لا رفع الدعم عن الوقود.
رغم صدور هذا البيان التوضيحي عن مكتب عكر، لا يزال سيناريو رفع الدعم عن المازوت والبنزين وارداً جدّاً، وخاصّة أنّ مصرف لبنان حدّد الدولارات التي خصّصها لدعم سلّة محدّدة ومحصورة من السلع. ويشير الارتفاع في وتيرة التقنين في فتح الاعتمادات، إلى سعي مصرف لبنان للمحافظة على الدولارات بغية تمديد فترة الدعم إلى أطول وقت ممكن.
اجتمع القطاع الصناعي في وقت سابق مع وزير الطاقة والمياه في القصر الجمهوري. ولفتت الجهات الرسمية إلى أنّ القطاع الصناعي يمكنه استيراد المازوت على حسابه الخاصّ، من دون اللجوء إلى الشركات المستوردة للنفط، وعلى أساس سعر صرف السوق السوداء.
تعاني الأفران بدورها من أزمة شحّ المازوت، المادّة الضرورية لتشغيل المولّدات خلال ساعات التقنين. ورغم أنّ وزارة الطاقة قد أمّنت لها البطاقات التي تخوّلها الحصول على المازوت لصناعة الخبز، إلّا أنّ خطوط الإنتاج في الأفران متعدّدة وتحتاج إلى كمّيات أكثر من المادّة.
أوضح أحد المديرين في “أفران الأمراء”، أنّهم بحاجة شهرياً إلى ما يفوق الـ30 ألف ليتر من المازوت. “لكننا نؤمّن نحو 17 ألف ليتر فقط بسبب الأزمة”. لذلك تلجأ أفران الأمراء إلى السوق السوداء لتأمين حاجاتها من المازوت. فصحيح أنّ مخزون أفران الأمراء لم يصل إلى مستويات خطيرة وحَرجة، لكنّ الإدارة خفَضت الإنتاج بنسبة تراوحت ما بين الـ15 في المئة والـ20 في المئة.
أما أفران الـ”مولان دور”، فأوضح مديرها ورئيس نقابة أصحاب صناعة الخبز أنطوان سيف، أنّهم “بحاجة إلى 350 ألف طنّ متري من المازوت خلال الشهر الواحد، ولا نتمكّن سوى من تأمين نحو 20 ألفاً إلى 25 ألف طنّ متري لا تكفي إلّا لـ48 ساعة، وذلك بعد نفاد احتياطنا من المازوت بحجم 250 ألف طن”، لذلك انخفض إنتاج الخبز بنسبة 50 في المئة.
أفران “شمسين” تعاني بدورها أزمة شحّ المازوت، فهي تحتاج شهرياً إلى ما يقارب 700 ألف ليتر من المادّة، وتتمكّن من شراء نحو 300 ألف شهرياً ليتر فقط. والجزء التي تشتريه من السوق السوداء يتراوح ثمنه بين 180 ألفاً إلى 200 ألف ليرة لبنانية. وشدّد رياض السيّد، وهو أحد المالكين، على أنّ أسعار السوق السوداء تكبّدهم الخسائر، مستغرباً وجود المادّة في السوق السوداء وغيابها في السوق الشرعية. وأوضح أنّ كلّ سلسلة الإنتاج تحتاج إلى المازوت، بدءاً من الشاحنة التي تنقل القمح من المرفأ، وصولاً إلى المطاحن والأفران.
أفادت مديرة في أفران الـ”وودن بايكري”، بحاجتهم إلى 370 ألف ليتر من المازوت شهرياً. ويحصلون، بسبب الأزمة، على 180 ألف ليتر شهرياً فقط. وفيما تلجأ “الوودن بايكري” إلى السوق السوداء لتلبية حاجتها من المازوت، فإنّ مخزونها في خطر ويهدّد إنتاج الرغيف، وتتكبّد الخسائر نتيجة استهلاكها المتزايد للمحروقات.
النهار